10‏/03‏/2011

بيوت تفر منها الشياطين

بسم الله الرحمن الرحيم




بيوتٌ تفرُّ منها الشياطين
  إن الحمد لله تعالى نحمده   ونستعينه  ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،  مَن يهد الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك له،  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.....

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }         (سورة آل عمران: 102)

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}     (سورة النساء: 1)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }          (سورة الأحزاب:70،71)

أما بعد...،
فإن أصدق الحديث كتاب الله – تعالى- وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها، وكل
محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

مقدمة:
عندما نتكلم عن أُسُس السعادة الزوجية، فلابد هنا أن نتكلم على صلاح البيت؛ لأن صلاح البيت فيه استقرار للأسرة وسعادة لأفرادها؛ حيث تسكنها الملائكة، ولا مكان فيها للشياطين، الذين يفرحون بالتفريق بين المرء وزوجه، وتشتيت الأولاد.
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث جابر t أنه سمع رسول الله r يقول:
"إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله، وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء".
إذن فما حال البيت الذي تُعشش فيه الشياطين ولا مكان فيه للملائكة؟، لابد أنه سيكون فيه شقاق ونزاع وخصومات، وفي النهاية قد يكون الطلاق، وهو غاية ما يرجوه الشيطان.

ـ ومن هنا كان لابد من الاهتمام بالبيت، فهو أساس من أسس الحياة الزوجية السعيدة، وهو نعمة عظيمة ينبغي أن تحاط ونحافظ عليها بطاعة الله تعالى.
قال تعالى:  { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } (النحل:8)
قال ابن كثير- رحمه الله – في تفسير هذه الآية (4/509):
يذكر ـ تبـارك وتعالى ـ تمام نعمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكنى لهم، يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع. أهـ 
وإذا أردت أن تعرف قدر هذه النعمة، فلابد أن تقف على بعض الأمور المهمة التي يتبين من خلالها عظم هذه النعمة منها:

   1ـ أن البيت هو الملجأ الشرعي عند الفتن، وهو المكان الذي تسلم فيه من الشرور:  
فقد أخرج الإمام أحمد أن النبي r قال:
"خمس مَن فعل واحدةً منهنَّ كان ضامناً على الله: مَن عاد مريضاً، أو خرج غازياً، أو دخل على إمامه يريد تقريره وتوقيره، أو قعد في بيته فسلِم الناس منه وسلِم من الناس"
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن ثوبان أن النبي r قال:
"طُوبى لمن مَلَك لسانه، ووسِعه بيتُه، وبكى على خطيئتِه "           (صحيح الجامع:3824)
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس بسند صحيح من حديث أبي موسى عن النبيr قال:
"سلامةُ الرجل في الفتنة أن يلزم بيته "                            (صحيح الجامع:3543)
ويستطيع المسلم أن يلمَسَ فائدة هذا الأمر في حال الغربة، عندما لا يستطيع لكثير من المنكرات تغييراً، فيكون لديه ملجأ إذا دخل فيه يحمي نفسه من العمل المُحرَّم والنظر المُحرَّم، ويحمي أهله من التبرُّج والسفور، ويحمي أولاده من قرناء السوء.
   2ـ أن البيت هو السُكنى ومحل راحة الإنسان:
فالإنسان منا يأوي إلى محل سكنه هرباً من الحرِّ الشديد، والبرد القـارص، والأمطـار الغزيرة، وهو المأوى عند الفراغ من العمل أو الدراسة.
وإذا أردت أن تعرف قدر هذه النعمة؛ فـانظر إلى الذين لا بيـوت لهم ممَّن يعيشـون في الملاجئ، أو على أرصفة الشوارع، واللاجئين المشردين في المخيمات المؤقتة، أو إذا سمعت مَن يقول: " ليس لي بيت فأنام أحياناً في بيت فلان، أو في المقهى، أو في الحديقة، أو على شاطئ البحر"؛ لعرفت معنى التشتت الناجم عن الحرمان من نعمة البيت.
   3ـ صلاح البيت صلاح للمجتمع:
لأن المجتمع يتكون من بيوت هي لَبِنَاته، فلو صلحت اللبنة لصلح البناء، فيكون مجتمعاً قوياً بأحكام الله، صامداً في وجه أعداء الإسلام، يشع الخير ولا ينفذ إليه الشر.

ومن هنا كان لابد على كل راعٍ أن يعرف ويقدر عِظَم المسئولية الملقاة على عاتقه يوم الحساب.
فقد أخرج النسائي في عشرة النساء عن أنس t أن النبي r قال:  
"إن الله تعالى سائل كل راعٍ عما استرعاه، أَحَفِظَ ذلك أم ضيَّعه؟ حتى يُسأل الرجل عن أهل بيته"
ومن هنا كان حتماً على القَيِّم أن يصلح بيته وذلك عن طريقين:
الطريق الأول: قيامه على شرع الله U.
الطريق الثاني: إزالة المنكرات التي نهى الشرع عنها.

أولاً: الطريق الأول: قيام البيت على شرع الله  U:
(1)    جعل البيت مكاناً لعبادة الله تعالى:
قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ  الْمُؤْمِنِينَ}  
                                                                                                                      (يونس: 87)
قال ابن عباس: أُمِروا أن يتخذوها مساجد.
·       فعلى الرجال أن يجعلوا صلاة النافلة في البيت فذلك خيرٌ لهم
 فقد أخرج الإمام مسلم من حديث جابر قال: قال رسول الله r:
"إذا قضى أحدكم الصلاة في المسجد؛ فليجعل لبيته نصيباً من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً ".
وعند النسائي وابن خزيمة عن زيد بن ثابت t أن النبي r قال:
"صلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاةِ المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة".
·       وكذلك النساء عليهن أن يعمرن بيوتهن بالصلاة
فقد أخرج أبـو داود بسند صحيـح عن ابن عمر ـ رضـي الله عنهما ـ قـال:
قال رسول الله r: "لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبُيُوتُهنَّ خير لهنَّ ".
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي r قال:
"اجعلوا من صلاتِكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً ".
ومن المعلوم أن المقابر والفلوات والأماكن الخربة مساكن الشياطين، فكأنه r يريد منا أن نجعل لبيوتنا قسطاً من صلاة النافلة؛ لنطرد الشياطين منها.
قال النووي - رحمه الله – كما في شرح مسلم (6/68):
“حثَّ على النافلة في البيت؛ لكونه أخفي وأبعد عن الرياء، وأصْون من المحبطات؛ وليتبرك البيت بذلك، وتتنزَّل فيه الرحمة والملائكة، وينفر منه الشيطان "


(2)    حث أهل البيت على طاعة الله والمواظبة عليها:
فقد أخرج الإمام مسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:
"كان رسول الله r يُصلِّي من الليل، فإذا أوتر قال: قومي فأوتري يا عائشة ".
وفي مسند الإمام أحمد وأبو داود بسند صحيح أن النبي r قال:
"رحم الله رجلاً قام من الليل فصلَّى فأيقظ امرأته فصلَّت، فإن أبت نضح في وجهها الماء"

ـ وترغيب النساء في البيت بالصدقة مما يزيد الإيمان، وهو أمر عظيم حث عليه رسول الله r.
فقد أخرج البخاري أن النبي r قال:
"يا معشر النساء تصدَّقْن، فإني رأيتكُنَّ أكثر أهل النار"
ـ ومن الأفكار المبتكرة وضع صندوق للتبرعات في البيت للفقراء والمساكين، فيكون كل ما يوضع فيه ملكاً للمحتاجين.                                               (أربعون نصيحة لإصلاح البيوت: صـ 15)

(3)    الاهتمام بالأذكار داخل البيت:
فقد أخرج مسلم من حديث أبي موسى الأشعري t أن النبي r قال:
"مثلُ البيت الذي يُذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت "
فلابد من الاهتمام بذكر الله في البيت وفي خارجه، فهذا الحصن الحصين من الشيطان الرجيم، فيذكر الإنسان الله بقلبه وبلسانه، وكذلك يعمر البيت بالصلوات وقراءة القرآن، أو مذاكرة العلم الشرعي، أو بالذكر المخصوص وهو ذكر الأحوال. كالذكر عند دخول البيت وعند الخروج منه، والذكر عند الطعام وعند الانتهاء منه، والذكر عند دخول الخلاء وعند الخروج منه، والذكر عند إتيان الزوجة ... وغير ذلك من الأذكار التي تجعل البيت بركة على أهله.
بخلاف البيوت التي لا يُذكر فيها الله فهي ميتة كما جاء في الحديث السابق، بل يزداد الأمر بلاءً عندما يكون فيها ألحان الشيطان من المزامير والغناء، والغيبة، والبهتان، والنميمة، وكذلك الاختلاط بين الجيران ذكوراً وإناثاً.
فهذه بيوت لا محل للملائكة فيها، بل هي مواطن مناسبة وبيئة تجول وتصول فيها الشياطين، فيصيب أهلها الشقاق وعدم الوفاق، فتسود الخلافات والمنازعات والتي غالباً ما تنتهي بالطلاق.


ولكي نؤسس بيتاً مثالياً، يجب على كل منا أن يضع نصب عينيه أهمية ذكر الله، وقراءة القرآن فيه، والاهتمام بالأذكار المأثورة ومنها:
 (أ) السلام على أهل البيت عند دخول البيت:
على المسلم إذا دخل بيته أن يُلقي السلام على أهل بيته، حتى تحل البركة على أهل البيت.
فقد أخرج الترمذي عن أنس t أن النبي r قال:
"يا بُني إذا دخلت على أهلك، فسلِّم يكن سلامك بركة عليك وعلى أهل بيتك "
وعند البخاري في "الأدب المفرد”عن جابر t قال:
"إذا دخلت على أهلك فسلِّم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة ".
وأخرج أبو داود وابن حبان وصححه الألباني أن رسول الله r قال:
"ثلاثة كلهم ضامن على الله ..." وفي الحديث "... ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله I "
قال النووي - رحمه الله – في "الأذكار":
"ضامن على الله تعالى": أي صاحب ضمان، والضمان: الرعاية للشيء، فمعناه: أنه في رعاية الله، وما أجمل هذا العطاء أن يظل الرجل في رعاية الله وحفظِه.
والمعنى أنه إذا دخل بيته سلَّم على أهله، ائتماراً بقوله تعالى:
{فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون }
                                                                                                                                                                                                                (النور: 61)
قال النووي: يستحب أن يقول: "بسم الله"، وأن يُكثر من ذكر الله، وأن يسلِّم سواء كان في البيت آدمي أم لا للآية السابقة.
ويستحب للرجل إذا دخل بيته أن يذكر الله U حتى لا يدخل معه الشيطان.
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله r يقول:
“إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله، وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء ".

ـ بل هذا السلام فيه ما فيه من الأجر.
فقد أخرج أبو داود من حديث عمران بن حصين t قال:
"جاء رجلٌ إلى النبي r، فقال: السلام عليكم، فردَّ عليه السلام ثم جلس، فقال النبي r: عشر، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردَّ عليه السلام، فقال: عشرون، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليه السلام فجلس، فقال: ثلاثون".
تنبيه:
ـ كان النبي إذا دخل بيته بدأ بالسواك.
فقد أخرج الإمام مسلم عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:
"كان رسول الله r إذا دخل بدأ بالسواك".

(ب) الذكر عند دخول الخلاء والخروج منه:
فيستحب لمن أراد دخول الخلاء أن يقول:
"بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخُبثثِ والخَبَائثِ"
-     وذلك للحديث الذي أخرجه الترمذي من حديث عليٍّ t أن النبي r قال:
"ستر ما بين الجنِّ وعورات بني آدم، إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله ".
-     وكذلك أخرج البخاري ومسلم عن أنس t قال:
"كان رسول الله r إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخُبُثِ والخَبَائثِ".
قال الشوكاني - رحمه الله – قوله: "إذا دخل الخلاء" قال في الفتح:
أي كان يقول هذا الذكر عند إرادة الدخول لا بعده، وقد صرح بهذا البخاري في "الأدب المفرد".
ويستحب إذا خرج أن يقول: "غفرانك ".
-     فقد أخرج أبو داود والترمذي عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:
"كان النبي r إذا خرج من الخلاء، قال: غفرانك ".
قال الشوكاني - رحمه الله – كما في "نيل الأوطار" (1/98):
فالنبي r كان يستغفر الله U إذا خرج من الخلاء؛ لتركه الذكر في تلك الحالة؛ لما ثبت أنه r كان يذكر الله على كل أحواله إلا في حال قضاء الحاجة، فجعل ترك الذِكر في هذه الحالة تقصيراً وذنباً يستغفر منه، وقيل: استغفَرَ لتقصيره في شكر نعمة الله عليه بإقداره على إخراج ذلك الخارج.

(جـ) الذكر عند جماع الزوجة:
- فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي r قال:
"لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: "بسم الله، اللهم جنبني الشيطان وجنِّب الشيطان ما رزقتنا، فإن قُضي بينهم ولدٌ لم يضره الشيطان أبداً "

 (د) الاهتمام بقراءة سورة البقرة في البيت:
- فمن الأمور التي لا ينبغي أن نغفل عنها قراءة سورة البقرة بصورة متواصلة، أو بين الحين والآخر؛ وذلك لطرد الشيطان من البيت.
فقد أخرج مسلم في صحيحه أن النبي r قال:
"لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة".
وفي مستدرك الحاكم بلفظ:
“اقرءوا سورة البقرة في بيوتِكم، فإن الشيطان لا يدخل بيتاً يُقرأ فيه سورة البقرة ".
بل انظر إلى فضل الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة وأثر تلاوتهما في البيت.
أخرج الإمام أحمد بسند صحيح وهو في صحيح الجامع (1799) أن النبي r قال:
"إن الله تعالى كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام وهو عند العرش، وأنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يُقرآن في دارٍ ثلاث ليالٍ فيقربُهما الشيطان ".

(هـ) وكذلك الاهتمام بالأذكار عند الخروج من البيت:
-       فقد أخرج أبو داود والترمذي وهو في صحيح الجامع (499) أن النبي r قال:
-     "إذا خرج الرجل من بيته، فقال: بسم الله توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقال له: حَسْبُك قد هُديت وكُفيت ووُقيت، فيتنحى له الشيطان، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجُلٍ قد هُدِي وكُفِي ووُقِي".

(4)    تعليم أهل البيت العلم الشرعي:
وهذا مما يجب على رب الأسرة فعله؛ امتثالاً لقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } (التحريم:6)
وهذه الآية أصلٌ في تعليم أهل البيت وتربيتهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر.
قال عليٌ بن أبي طالب كما في زاد المسير لابن الجوزي (8/312):
"علِّموهم وأدِّبوهم"
وقال قتادة كما في تفسير الطبري (28/166):
يأمرهم بطاعة الله وينهـاهم عن معصيته، وأن يقـوم عليهم بأمر الله، يأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها، وزجرتهم عنها.
وقال الضحَّاك ومقاتل كما عند ابن كثير (8/194): 
حقٌّ على المسلم أن يُعلِّم أهله من قرابته وإمائه ما فرض الله عليهم، وما نهاهم عنه.

-     وإذا كان رسول الله r حث على تعليم الإماء وهُنَّ أرقَّاء، فما بالك بأولادك وأهلك الأحرار.
قال البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه "باب تعليم الرجل أمَتَهُ وأهله " ثم ساق هذا الحديث: "ثلاثة لهم أجران ... ورجل كانت عنده أَمَةٌ فأدَّبَهَا فأحسن تأديبها، وعلَّمَها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران"
قال ابن حجر – رحمه الله – في شرح هذا الحديث في فتح الباري (1/190):
مطابقة الحديث للترجمة – أي عنوان الباب – في الأَمَةِ بالنص، وفي الأهل بالقياس، إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسُنن رسوله أكبر من الاعتناء بالإِماء.
وأخرج البخاري في "الأدب" عن مالك بن الحويرث t قال:
"أتينا النبي r ونحن شَبَبَة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظنَّ أنَّا اشتهينا أهلينا، فسألنا عمَّن تركنا من أهلينا، فأخبرناه وكان رفيقاً حليماً، فقال: ارجعوا إلى أهليكم فعلِّموهم ومُروهم، وصلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي، فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن لكم أحدُكم، ولْيؤُمكم أكبرُكم".                                        (أربعون نصيحة لإصلاح البيوت: صـ 18ـ 19)
-       بل انظر إلى القاضي الورع عيسى بن مكين، يُقرِئ بناته وحفيداته.
قال عياض: فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخيه ليعلمهن القرآن والعلم.

-       وكذلك كان يفعل قبله فاتح صقلية "أسد بن الفرات" بابنته أسماء التي نالت من العلم درجه كبيرة.

-       وكان الإمام مالك يُقرَأ عليه الموطأ، فإذا لحنَ القارئ في حرف أو زاد أو نقص تدق ابنته الباب فيقول أبوها للقارئ: ارجع فالغلط معك، فيرجع القارئ فيجد الغلط.

ـ فلا ينشغل الرجل بوظيفته وارتباطاته عن تفريغ نفسه لتعليم أهله؛ فإن ذلك من أسباب نزول السكينة وحلول البركة في البيت.
ومما يعين على تعلُّم العلم، والحرص عليه، والسهولة في تحصيله، أن تجعل في بيتك مكتبة عامرة بالعلوم الشرعية، والكتب التي تلقتها الأمة بالقبول... وهذا هو عنصرنا التالي.

(5)    اجعل في بيتك مكتبه إسلامية:
فمما يساعد على تعليم أهل البيت، وإتاحة المجال لتفقههم في الدين، وإعانتهم على الالتزام بأحكام الشريعة، عمل مكتبه إسلامية في البيت، ليس بالضرورة أن تكون كبيرة، ولكن العبرة بانتقاء الكتب المُهمة التي تلقَّتها الأمة بالقبول، وفيها النفع الكبير، والفوائد العظيمة، ووضع هذه الكتب في مكان يسهل تناولها، وجعل كتب التفسير على رفٍّ، والحديث على رفٍّ، والفقه على ثالث... وهكذا؛ لتسهيل البحث في الكتب.                                                  (أربعون نصيحة لإصلاح البيوت: صـ 22)
وهذه بعض أسماء الكتب، والتي تصلح أن تكون أساساً لمكتبة إسلامية في البيت:
1-       كتب التفسير:
تيسير الكريم الرحمن (السعدي)     كلمات القرآن تفسير وبيان (حسين مخلوف – أبو عائش)
تفسير القرآن العظيم (ابن كثير)      أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (الشنقيطي)
الجامع لأحكام القرآن (القرطبي)     جامع البيان في تفسير القرآن (ابن جرير الطبري)
·      ما يتعلَّق بالتفسير
مقدمة في أصول التفسير (ابن تيمية)       أصول التفسير (لابن عثيمين).
التفسير والمفسرون (محمد حسين الذهبي)
مع الاستعانة بالمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم (محمد فؤاد عبد الباقي)
2-      علوم القرآن:
-     مباحث في علوم القرآن (مناع القطان)                    
- الصحيح المسند من أسباب النزول (مقبل بن هادى الوادي).
-     مناهل العرفان في علوم القرآن (محمد الزرقاني).
-     لمحات في علوم القرآن (محمد الصباغ).       
-      البرهان في علوم القرآن (الزركشي).               - الإتقان في علوم القرآن (السيوطي)   

3-       آيــات الأحكام
-     روائع البيان في تفسير آيات الأحكام (للشيخ محمد على الصابوني)
-     تفسير آيات الأحكام ( لصديق حسن خان ـ رحمه الله ـ)  
-     تفسير آيات الأحكام (لمنَّاع القطان)                   - أحكام القرآن (لابن العربي)

4-      علم التجويــد
-     رسالة فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال (سليمان الجزوري).
-     البرهان في تجويد القرآن (محمد صادق القمحاوي).
-     غاية المريد في علم التجويد (عطية قابل نصر)
-     نهاية القول المفيد في علم التجويد (محمد مكي نصر)
-     تيسير الرحمن في تجويد القرآن (د. سعاد عبد الحميد) .

5-      الـنـحـو  والصـرف  
-     التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية (محمد محي الدين عبد الحميد)
-     قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام).            - التصريح على التوضيح (خالد الأزهري)
-     النحو الواضح (على الجارم ومصطفى أمين)       
-     شذور الذهب (ابن هشام)                       -  شرح الألفية (ابن عقيل).

6-      الـبــلاغـة
- البلاغة الواضحة (على الجارم ومصطفى أمين)         
- الإيضاح لتلخيص المِفتاح (القزويني)
- أسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز (الجرجاني)       
7-      معـاجم اللغة
-  المصباح المنير (للفيومي) 
- القاموس المحيط (الفيروزابادي) 
- لسان العرب المحيط (لابن منظور)

8-      الحديث
-     الأربعون النووية (النووي بشرح بن عثيمين)
-     جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم (ابن رجب).
-     رياض الصالحين (للنووي بشرح ابن عثيمين).              – الترغيب والترهيب (المنذري)
- مختصر صحيح البخاري (للزبيدي)                         - مختصر صحيح مسلم (للمنذري)
وحبذا لو كان صحيح البخاري بشرح ابن حجر (فتح الباري)   - صحيح مسلم بشرح النووي
-     سلسلتي الأحاديث الصحيحة والضعيفة للألباني.
-     وكذلك صحيح الجامع الصغير للألباني، وضعيف الجامع الصغير للألباني أيضاً.
-     فتح المُنعِم شرح صحيح مسلم (أ.د موسى شاهين لاشين)

9-      الـعقـيــدة
-     الثلاثة أصول وأدلتها (لمحمد بن عبد الوهاب، وشرح ابن عثيمين).
- 200سؤال وجواب في العقيدة الإسلامية (حافظ حكمي).
-     مختصر الصواعق المرسلة (ابن القيم)             
-     فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ "تحقيق الأرناؤوط").
-     معارج القبول بشرح سلم الوصول في علم الأصول (حافظ حكمى)
-     سلسلة العقيدة (لعمر سليمان الأشقرـ 8 أجزاء).   
-     الإيمان (للدكتور محمد نعيم ياسين)              
-     عقيدة المؤمن (أبو بكر الجزائري) 
-     اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم (ابن تيمية)
-     العقيدة الطحاوية (شرح ابن أبي العز الحنفي) تحقيق الألباني.
-     العقيدة الواسطية (شرح ابن عثيمين، والفوزان، وخليل هراس)


10-     الـفـقـه
-     صحيح فقه السُّنة (أبو مالك كمال السيد سالم)                   - سبل السلام (الصنعاني)  
-     الدرارى المضية شرح الدرر البهية (الشوكاني)                 - المغني (ابن قدامة المقدسي)            
-     تيسير العلام شرح عمدة الأحكام (عبد الله بن صالح آل بسام)   - المحلى (ابن حزم الأندلسي)
-     نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من حديث سيد الأخيار (الشوكاني)    – المجموع (النووي)
-     صفة صلاة النبي r، وأحكام الجنائز (كل منهما للألباني)        – الموسوعة الفقهية الكويتية

11-     أصول الفقه
-     الواضح في أصول الفقه (عمر الأشقر)            -  الأصول من علم الأصول (ابن عثيمين).
-     الورقات (للجويني بشرح أبو عائش عبد المنعم إبراهيم).      - الرسالة (الشافعي)
-     أصول الفقه (عبد الوهاب خلاف)                              - إرشاد الفحول (الشوكاني)              
-     الوجيز في أصول الفقه (عبد الكريم زيدان)                    - أصول الفقه (لأبي زهرة)
-     معالم أصول الفقه (محمد بن حسين الجيزاني)           - الإحكام في أصول الأحكام (ابن حزم)
-     مذكرة في أصول الفقه (محمد الأمين الشنقيطي)                - البحر المحيط (الزركشي)
  
12-     القواعد الفقهية
-     شرح منظومة القواعد والأصول  (محمد بن صالح العثيمين)         - القواعد (لابن رجب)
-     القواعد الفقهية (د. محمد بكر إسماعيل)        - القواعد الفقهية (د. عبد العزيز محمد عزام) 
-     الأشباه والنظائر (لابن نجيم، وللسيوطي)       - المدخل الفقهي العام (لمصطفى الرزقا)

13-     أسرار الأحكام ومقاصد التشريع
-     مقاصد التشريع (الطاهر بن عاشور)                 - الأركان الأربعة (للندري)
-     حجة الله البالغة (الدهلوي)                           - الموافقات (الشاطبي)

14-     مصطلح الحديث وكتب التخريج
-     البيقونية (شرح ابن عثيمين)            نزهة النظر شرح نخبة الفكر (ابن حجر العسقلاني)
-     تيسير مصطلح الحديث (محمود الطحان)        فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (السخاوي)
-     الباعث الحثيث (لابن كثيرـ تعليق أحمد شاكر)                - المقاصد الحسنة (السخاوي)
-     تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (السيوطي)            - إرواء الغليل (الألباني)
-     التأصيل لعلم التخريج وقواعد الجرح والتعديل (بكر أبو زيد)   - نصب الراية (الزيلعي)
-     أصول التخريج ودراسة الأسانيد (محمود الطحان)
15-     السيرة والتراجم
-     نور اليقين في سيرة سيد المرسلين (محمد الخضري)              - الكامل (ابن الأثير)
      الرحيق المختوم (صفي الرحمن المباركفوري)                    - سير أعلام النبلاء (الذهبي)           
      مختصر الشمائل المحمدية (للترمذي ـ اختصار الألباني).        - قصص الأنبياء (ابن كثير)
-     وقفات تربوية مع السيرة النبوية (أحمد فريد)                      - السيرة النبوية (ابن هشام)             
العواصم من القواصم (لابن العربي ـ تحقيق الخطيب والإستانبولي)   - زاد الميعاد (ابن القيم)
-     البداية والنهاية (ابن كثير)                                         - الروض الأنف (السهيلي)

16-     المِـلـل والـفِـرق
-     أصول وتاريخ الفرق الإسلامية ( مصطفى بن محمد بن مصطفى)
-  تلبيس إبليس (لابن الجوزي)                            - المِلل والنِحل (الشهرستاني)
- الفَرْق بين الفِرَق (البغدادي)                             - منهاج السُّنَّة النبوية (ابن تيمية)

17-     كتب للنساء
-     عودة الحجاب (أحمد إسماعيل المقدم)             - جامع أحكام النساء (مصطفي العدوي).
-     مجموعة رسائل في الحجاب والسفور(ابن عثيمين) - فقه السُّنَّة للنساء (أبو مالك كمال السيد سالم)
-     الإرواء شرح جامع أحكام النساء (أبو عائش عبد المنعم إبراهيم).
-     فتاوى المرأة المسلمة (مجموعة علماء)           - شخصية المرأة المسلمة (د. محمد الهاشمي)
-     حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة (صديق حسن خان)

18-     كتب عن المولود
-     تحفة المودود في أحكام المولود (ابن القيم)
-     فتح الكريم في أحكام الحامل والجنين (عادل يوسف عزازي)

19-     كتب عن تربية المولود
-     فقه تربية الأبناء، وطائفة من نصائح الأطباء (مصطفي العدوي).
-     تربية البنات في الإسلام (أبو عائش عبد المنعم إبراهيم)
-     منهج التربية النبوية للطفل(محمد نور سويد)   - تربية الأطفال في الإسلام (رأفت فريد سويلم)
-     منهج الإسلام في تربية الأولاد(سمير عبد العزيز)
-     الموسوعة الإسلامية في تربية الأولاد (حامد أحمد الطاهر)
20-     كتب للأطفال
-     ابن الإسلام (محمد حسين يعقوب)
-     منهاج براعم الإسلام (عمر عبد الرحمن)
-     سلسله أطفالنا في رحاب القرآن الكريم (للدكتور سعد شلبي)

21-     السحر والعين
-     وقاية الإنسان من الجنِّ والشيطان (وحيد عبد السلام بالي)
-     الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار (وحيد عبد السلام بالي).

22-     كتب عن الشيطان
-     تلبيس إبليس (لابن الجوزي)                                – إغاثة اللهفان (ابن القيم)    
-     معالم الشيطان في الكتاب والسُّنَّة (عطية بن إبراهيم)
-     الشيطان كأنك تراه (أبو همام سيد بن مراد)                 - إبليس (مصطفي مراد)

23-     كتب عن البدع
-     السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات (محمد أحمد محمد عبد السلام خضر الشقيري)
-     الإبداع في مضار الابتداع (علي محفوظ)                – الاعتصام (للشاطبي).
-     السنة والبدعة بين التأصيل والتطبيق (فؤاد مخيمر)

24-     الأحاديث القدسية
-     صحيح الأحاديث القدسية (الألباني)
-     الأحاديث القدسية الصحيحة وشروحها (محمد محمد تامر).

25-     الذكر والدعاء
-     الأذكار (النووي)                               - الوابل الصيب من الكلم الطيب (ابن القيم)
-     تحفة الذاكرين (الشوكاني) "مع التحفظ على نقطة التوسُّل"

26-     الدعوة
- أصول الدعوة (د.عبد الكريم زيدان)
-     كيف يدعو الداعية، ومواقف الداعية التعبيرية، وعقبات في طريق الدعاة
                                                              (وكلها للشيخ عبد الله ناصح علوان)
27-     الرقائق والأخلاق
-     البحر الرائق في الزهد والرقائق (أحمد فريد)
-     الزهد والرقائق (ابن مبارك)
-     مختصر منهاج القاصدين (ابن قدامة المقدسي)
-     الجواب الكافي لمن سأل الدواء الشافي     والفـوائـد      - ومدارج السالكين  
    وطريق الهجرتين وباب السعادتين                   (وكلهم لابن القيم).
-     سكب العَبَرات (سعيد بن حسين العفاني)

28-     الـفــتــاوى
-     مجموع فتاوى شيخ الإسلام ( ابن تيمية)
-     فتاوى اللجنة الدائمة.                    – موسوعة المجمع الفقهي.

29-     كتب متنوعة
-    منهاج المسلم (أبو بكر الجزائري)                - ففِرُّوا إلى الله (أبو ذر القلموني).
-    مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية (محمد بن جميل زينو)
-    الآداب الشرعية والمنح المرعية (ابن مفلح المقدسي)
-     كما ينبغي الاهتمام بكتب كلٍ من:
شيخ الإسلام ابن تيمية.                     ابن القيم.               
الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.             الشيخ ابن عثيمين.
الشيخ ابن باز.                             الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
الدكتور محمد إسماعيل المقدم.             الدكتور أحمد فريد.                         
الشيخ مصطفى العدوي.                    الدكتور عائض القرني، لا سيما كتابه "لا تحزن"
الدكتور سعيد بن حسين العفاني.            الدكتور علي محمد الصلابي.              

وهناك من المشايخ والعلماء الأجلاء الأفاضل خلاف هؤلاء، لكن لا يتسع المقام لذكرهم.
نسأل الله أن يبارك فيهم، وفي عملهم، وأن يتقبل منا ومنهم، ويرزقنا وإياهم الإخلاص في القول والعمل.

(6)  اجعل مكتبة صوتية أيضاً في البيت:
-       وهذا لا يقل أهمية عن المكتبة المقروءة؛ لأن المكتبة السمعية لها تأثير كبير في التعلم والدعوة في بعض الأحيان ومع بعض الأفراد أكثر من الكتب، وكم من شريط إسلامي جاد وهادف كان سبباً بفضل الله في هداية كثير من البيوت المسلمة، وإصلاح أحوالها، وإخراجها من ظلمات الغفلة والمعصية إلى نور الهداية والطاعة.
-       ويقول الشيخ محمد صالح المنجد - حفظه الله – كما في كتابه "أربعون نصيحة لإصلاح البيوت": إن سماع أشرطة التلاوة الخاشعة له تأثير عظيم على الأهل في البيت، سواء من جهة تأثرهم بمعاني التنزيل، أو حفظهم من جراء تكرار ما يسمعون، وكذلك من جهة حمايتهم بالسماع القرآني عن السماع الشيطاني من الألحان والأغاني؛ لأن الآذان والصدور لا يصلح أن يختلط فيها كلام الرحمن بمزمار الشيطان.
-       وكم لأشرطة الفتاوى من الأثر في تفقيه أهل البيت بالأحكام المختلفة، التي يتعرضون لها يومياً في حياتهم، ولكن لابد أن نعتني بالجهة التي نأخذ منها الفتوى؛ لأن هذا دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، فالأخذ عمَّن عُلِم بصلاحه وتقواه وورعه، واعتماده على الأحاديث الصحيحة، وعدم تَعَصُّبِه المذهبي، وسيره مع الدليل، والتزامه بالمنهج الوسط، فلا تشدد ولا تساهل، هو الخبيـر الذي نسأله
{ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } (الفرقان: 59)
والسماع للمُحاضِرين الذين يعملون على توعية الأمة، وإقامة الحجة، وإنكار المنكر، أمرٌ مُهمٌ في بناء شخصية الفرد في البيت المسلم.
وكم وجدنا في أشرطة الأطفال من تأثير كبير عليهم، سواء في حفظهم لسور متعددة من قارئ صغير يتلو، أو أذكار اليوم والليلة، وآداب إسلامية، وأناشيد هادفة ... ونحو ذلك.
ولا بد أن نسعى في نشر الشريط الجيد، من ناحية إهدائِه أو إعارته للغير بعد سماعه، ووجود مُسجِّل في المطبخ يفيد ربة البيت كثيراً، وكذا في غرفة النوم، يساعد على الاستفادة من الوقت إلى آخر لحظة.أهـ باختصار

(7)    إشاعة خلق الرفق في البيت:
فقد أخرج الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع (303) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ  قالت: قال رسول الله r:
" إذا أراد الله U بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق".
وفي رواية أخرى عن ابن أبي الدنيا، وهي أيضاً في صحيح الجامع (1704):
" إن الله إذا أحبَّ أهلَ بيتٍ أدخل عليهم الرفق"
أي صار بعضهم يرفق ببعض، وهذا من أسباب السعادة في البيت، فالرفق نافع جداً بين الزوجين، ومع الأولاد، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف.
-       كما قال r كما في صحيح مسلم: 
"إن الله يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه"
                                                                                        (أربعون نصيحة لإصلاح البيوت: صـ 51)

(8)    الملاطفة والممازحة لأهل البيت:
ملاطفة الزوجة والأولاد من الأسباب المؤدية إلى إشاعة أجواء السعادة، والألفة في البيت.
وكذلك نصح رسول الله r جابراً أن يتزوج بكراً وحثه بقوله:
"فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك “                 (والحديث في الصحيحين)
وأخرج النسائي في عشرة النساء، وهو في صحيح الجامع (4534) أن النبي r قال:
"كلُّ شيء ليس فيه ذكر الله فهو لهوٌ ولعبٌ، إلا أربع: ملاعبة الرجل امرأته"

ـ وكان r يلاطف زوجته عائشة وهو يغتسل معها.
-       فقد أخرج الإمام مسلم عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:
”كنت أغتسلُ أنا ورسول الله r من إناءٍ بيني وبينه واحد، فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، قالت: وهما جُنُبان ".

ـ أما ملاطفته r للصبيان فأشهر أن تذكر
فكان كثيراً ما يلاطف الحسن والحسين، ولعل هذا من الأسباب التي كانت تجعل الصبيان يفرحون بمقدمه r من السفر، فيُهْرَعُون لاستقباله. كما جاء في صحيح مسلم:
"كان إذا قدِم من سفره تُلقِّي بصبيان أهل بيته "
-     وثبت عنه في صحيح مسلم أنه r كان يضمهم إليه كما قال عبد الله بن جعفر:
"كان النبي r إذا قدِم من سفرٍ تُلقِّي بنا، فتُلقِّي بي وبالحسن أو بالحسين، قال: فحمل أحدنا بين يديه، والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة ".

وقارِن بين هذا وبين حال بعض البيوت الكئيبة، لا فيها مزاح بالحق، ولا ملاطفة، ولا رحمة، ولا إقبال على الأطفال.
أخرج البخاري عن أبي هريرة t قال:
"قبَّل رسول الله r الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد، ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه الرسول r، ثم قـال: من لا يَرحَم لا يُرحَم ".                                  (أربعون نصيحة لإصلاح البيوت: صـ 53 ـ 54)

(9) اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية لسلامة أهل البيت:
-       أخرج البخاري أن النبي r قال:
"إذا أمسيتم فكفوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلّوهم فغلِّقوا الأبواب واذكروا اسم الله، وخمِّروا آنيتكم واذكروا اسم الله، ولو أن تعرضوا عليها شيئاً (مثل العود ونحوه) واطفِئوا مصابيحكم "
-       وفي رواية مسلم: "اغلقوا أبوابكم، وخمروا آنيتكم، واطفئوا سرجكم، وأوكئوا أسقيتكم (شدوا رباطها على أفواهها) فإن الشيطان لا يفتح باب مغلقاً، ولا يكشف غطاءً، ولا يحل وِكاءً، وإن الفُويْسِقة تضرم البيت على أهله"
جاء تفسير ذلك في مسند الإمام أحمد: "تسحب فتيل السراج فيشتعل في البيت"
                                                                                                        (صحيح الجامع: 1080)
وفي صحيح البخاري أن النبي r قال:
“لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون "                           (المصدر السابق: صـ 62)

ثانياً: الطريق الثاني: إزالة المنكرات من البيت ومنها:
(1)    ستر الجُدُر بستائر:
-       ففي صحيح مسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت:
"خرج النبي r في غزاته، فأخذت نماطاً فسترته على الباب، فلما قدِم فرأى النمط، عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: إن الله لم يأمرنا أن نكسوا الحجارة والطين "
-       وفي لفظ آخر هو في صحيح مسلم أيضاً أن عائشة – رضي الله عنها- قالت:
"كان رسول الله r غائباً في غزاة غزاها، فلما تَحَيَّنْتُ قفوله: أخذت نمطاً كانت لي فسترت به على العُرض (الجانب)، فلما دخل رسول الله r قال: تلقيته في الحُجرة، فقلت: السلام عليكم يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي أعزَّ فنصرك، وأقرَّ عينيك وأكرمك، قالت: فلم يكلمني، وعرفت في وجهه الغضب، ودخل البيت مسرعاً، وأخذ النمط بيده فجبذه (فجذبه) حتى هتكه، ثم قال: "إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة". وفي رواية: "أن نكسو الحجارة والطين "
ـ نمطاً: طهارة فراش ما، أو ضرب من البسط
ملاحظة:
إذا كانت الستائر مما تحفظ بها حرمات البيوت، كالستائر التي توضع على الشباك، وبعض الأبواب لمصلحة مَن في البيوت ... ونحو ذلك، فلا بأس بها.

-     ولننظر كيف كان التطبيق العملي عند سلف هذه الأمة.
أخرج الطبراني بسند جيد عن سالم بن عبد الله قال:
-     أعْرست في عهد أبي، فآذن أبي الناس، وكان أبو أيوب فيمن آذنَّا، وقد ستروا بيتي بنجاد أخضر. فاقبل أبو أيوب فدخل فرآني قائماً، واطَّلع فرأى البيت مستتراً بنجاد أخضر، فقال: يا عبد الله أتسترون الجدُرَ؟ قال أبي: "استحيى – غلبنا النساء أبا أيوب.
فقال: مَن كنتُ أخشى عليه أن تغلبه النساء، فلم أكن أخشى عليك أن تغلبنَّك، ثم قال:
لا أطعم لكم طعاماً، ولا أدخل لكم بيتاً ثم خرج t".

(2)    تعليق الصُّور على الجدران أو التماثيل أو دخول الكلب البيت:
يقول الألباني في "آداب الزفاف صـ 113":
تعليق الصور على الجدران سواء كانت مجسمة، أو غير مجسمة، لها ظل أو لا ظل لها، يدوية أو فوتوغرافية، فإن ذلك كله لا يجوز، ويجب على المستطيع نزعها إن لم يستطع تمزيقها،
وفيه أحاديث:
1-    ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:
“دخل علي رسول الله r وقد سترتُ سهوةً لي بقرام فيه تماثيل – وفي رواية: فيه الخيل ذوات الأجنحة – فلما رآه هتكه وتلون وجهه، وقال: يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله – وفي رواية: إن أصحاب هذه الصور يعذَّبُون، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، ثم قال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة، قالت عائشة. فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين، فقد رأيته متكئاً على إحداهما وفيها صورة".
ـ القرام: الستر الرقيق
ـ سهوة: بيت صغير منحدر في الأرض قليلاً، شبيه بالمخدع والخزانة.
 وفـي الحـديـث فـوائــد:
·       تحريم تعليق الصور.
·       تحريم الصور التي لها ظل أو ليس لها ظل، وهو قول الجمهور، قال النووي: وذهب بعض السلف إلى أن الممنوع ما كان له ظل، وما لا ظل له فلا بأس باتخاذه مطلقاً... وهو مذهب باطل، فإن الستر الذي أنكره النبي r كانت الصورة فيه بلا ظل، ومع ذلك أمر بنزعه.
·       أن الملائكة لا تدخل بيت فيه صور
وفي صحيح الجامع (1961)، وهو عند الإمام أحمد والترمذي وغيرهما من حديث أبي سعيد t أن رسول الله r قال:
“إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تماثيل أو صور".

·       ويستثنى من الصور: الصور التي ليس لها روح.
فقد أخرج البخاري في البيوع باب: "بيع التصاوير التي ليس فيها روح"، ومسلم في اللباس باب: "تحريم تصوير صورة الحيوان" عن سعيد بن أبي الحسن t قال:
“كنت عند ابن عباس: إذ جاءه رجل فقال: يا ابن عباس إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله r، سمعته يقول: من صوَّر صورةً فإن الله مُعذبهُ حتى ينفخ فيها وليس بنافخ فيها أبداً، فَرَبَا الرجل ربوة شديدة، واصفرَّ وجهه. فقال ابن عباس t: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بالشجر وكل شيء ليس فيه روح "
وأخرج الإمام مسلم وأبو داود وغيرهما أن النبي r قال:
أتاني جبريل u فقال لي: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تمثال، وكان في البيت قِرام سترٍ فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمُرْ برأس التمثال الذي في البيت يُقطَع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فليقطع، فليجعل منه وسادتين توطآن، ومُرْ بالكلب فليخرج، فإنا لا ندخل بيتاً فيه صورة ولا كلب، وإذا الكلب جرو لحسن أو حسين، كان تحت نَضد لهم- وفي رواية: تحت سريره ـ فقال: يا عائشة
متى دخل هذا الكلب؟ فقالت: والله ما دريت، فأمر به فأُخرج، ثم أخذ بيده ماءً فنضح مكانه"
ـ نضد: هو السرير الذي تنضد عليه الثياب، أي: يجعل بعضها فوق بعض.   (النهاية لابن الأثير).
تنبيه:
ويستثنى من الكلاب ما كان للصيد أوالحراسة.
فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي r قال:
“من اقتنى كلباً إلا كلب صيدٍ أوماشية، فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان "
لكن بشرط ألا يكون هذا الكلب (كلب الصيد) أسود؛ لأن النبي r قال عند مسلم:
"الكلب الأسود شيطانٌ"، بل أمر بقتله فقال كما في صحيح مسلم:
"عليكم بالأسودِ البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان "

(3)   تطهير البيت من التصاليب:
فقد أخرج البخاري عن عائشة –رضي الله عنها – قالت:
"لم يكن النبي r يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقَضَهُ ".

(4)  وجــود جـرس في الـبـيـت:
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:
"الجرس مزامير الشيطان"، أي: صوته ونغمته وإضلاله.
فيرشد النبي r إلى كراهة وجود الجرس في المنازل، أو تعليقه على الأطفال، أو على الحيوانات، حتى لا تلازمها الشياطين، وتبتعد عنها الملائكة.
فقد أخرج الإمام مسلم أيضاً أن النبي r قال:
"لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس"
والملائكة جُند الرحمن، وهم دائماً في حرب مع جُند الشيطان، فإذا تخلَّت عنهم جنود الرحمن، استحوذت عليهم جنود الشياطين.
والكنائس لما كانت من المواطن التي يُشرَك فيها بالله، ويُدعَى فيها إلى الشرك، وتدق فيها الأجراس، كانت من أبعد الأماكن عن رضا الله، وكانت من الأماكن التي تهجرها ملائكة الرحمة.
فقد أخرج أبو داود بسند حسن عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله r يقول: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جرس"

ملاحظة:
الجرس المقصود بالنهي هو ما أشبه بناقوس الكنيسة في الصوت أو الشكل، ومن هنا يخرج من الحكم جرس الهاتف الحالي، وكذلك معظم أجراس البيوت، إلا ما أشبه ناقوس الكنيسة في الصوت مثل الجرس الذي يرن رنة واحدة ثم يسكن... وهكذا، وكذلك يدخل في النهي جرس ساعة الحائط التي تسمى بالبندول، فإنه يشبه ناقوس الكنيسة في الصوت.
وكذلك يُحرم الجرس الموسيقي لا من جهة شبهه بناقوس النصارى، ولكن من جهة كونه من مزامير الشيطان.                                                  (تحصين البيت من الشيطان – وحيد عبد السلام بالى)


 (5)  وجـود المـفـسديـون (الـتلـفـاز) في الـبيـت:
أ‌-            أقوال أهل العلم في حكم شرائه ومشاهدته:
أولاً: فتوى اللجنة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالسعودية:
الجلوس أمام التليفزيون جائز إن كان المسموع غير مُحرَّم، كتلاوة القرآن، والمحاضرات الدينية، والنشرات التجارية، والأخبار السياسية، وممنوع إن كان المسموع محرماً، كالأغنيات الخليعة، والكلمات الماجنة، وأصوات المغنيات ولو بأغنيات غير ماجنة، وأغاني الرجال الذين يتكسرون في غنائهم، أو يتخنثون فيها، وبالجملة: فالجلوس للاستماع تابعان لحكم المسموع حِلاً وحرمة، وقد يُمنع ما كان جائزاً من السماع والجلوس من أجل الإفراط فيه، أو تضييعه لفراغ قد يكون الإنسان في أمسِّ الحاجة إلى شغله، بما يعود عليه وعلى أسرته بالنفع العميم، والخير الكثير، والأحوط في ذلك تركه؛ لأنه قد يكون وسيلة إلى سماع ورؤية ما يحرم سماعه ورؤيته.                (فتاوى إسلامية:3/322)

ثانياً: وفي فتوى أخرى لنفس اللجنة قالت:        
الفيديو، والراديو، والتليفزيون ... ونحوها من أجهزة الإعلام، لا يقال لها في نفسها حلال ولا حرام؛ لأنها آلات، وإنما الذي يحكم عليه استعمالها، فما استعمل منها في محرم محض، أو في الغالب محرم، وإلا فهو حلال، وعلى هذا إذا كنت لا تستعمل الفيديو إلا في الخير كما ذكرت فهو خير، وإلا فهو شر.                                                                       (فتاوى إسلامية:3/366)

ثالثاً: ويقول الشيخ عبد الله ناصح علوان ـ رحمه الله ـ في رسالته "حكم الإسلام في وسائل الإعلام":
مادام التليفزيون اليوم يرمي في أكثر برامجه إلى إهدار الشرف، ويوجه نحو الفساد والإباحية، ويشجع على السفور والاختلاط، فإن اقتناءه والاستماع إلى برامجه، والنظر إلى مشاهده، يعد من أكبر الحرام وأعظم الإثم، واليكم الدليل على ذلك:-
1-       أجمع الفقهاء والأئمة المجتهدون في كل زمان ومكان أن مقاصد التشريع الإسلامي خمسة:
حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ النفس، وحفظ المال.
وقالوا: إن كل ما جاء في الشريعة من آيات قرآنية، وأحاديث نبوية، وقواعد أصولية؛ تهدف إلى حفظ هذه الكليات الخمس، وباعتبار أن أكثر برامج التليفزيون الحالية من أغانٍ ماجنة، وتمثيليات خليعة، ودعايات مثيرة، وأفلام فاسدة تستهدف إلى إهدار الشرف، وضياع العرض، وشيوع الزنا والفاحشة، فإنه يحرم النظر إليها، والاستماع لها للحفاظ على النسب والعرض، وبالتالي يحرم اقتناء الجهاز باعتبار أنه وسيلة إلى النظر والسماع.
2-       روى مالك وابن ماجة والدارقطني عن أبي سعيد الخدري t أن رسول الله r قال:
" لا ضرر ولا ضرار"                      (رواه مالك وابن ماجة والدارقطني، وهو في صحيح الجامع: 7517)
فهذا الحديث الشريف يعد قاعدة شرعية من أهم القواعد التي قعدها الفقهاء، واستنبطها علماء الأصول لأن عليها مدار الإسلام في أوامره ونواهيه؛ ولأنها تهدف إلى تحريم ما يضر بالفرد والمجتمع والأخلاق بلفظ بليغ موجز.
وباعتبار أن التليفزيون – في برامجه الحالية – يوجه إلى الميوعة والانحلال، ويثير في المجتمع كوامن الغريزة والشهوة؛ فإنه يحرم على المسلم أن يشتريه ويدخله بيته؛ حفاظاً على عقيدة الأسرة وأخلاقها، وقطعاً لدابر الأضرار التي تنجم عنه، وتطبيقاً لقاعدة "لا ضرر ولا ضرار".

3-       من القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية قاعدة "سد الذرائع"، ومعناها تحريم المباح لكونه يؤدى إلى المحرم.
فباعتبار أن النظر إلى برامجه الحالية يؤدى إلى الفساد والتحلل؛ صار اقتناؤه أو استعماله محرماً لكونه يئول إلى أسوأ المفاسد وأحط الأخلاق.

4-       إن أكثر البرامج الترفيهية التي تعرض على شاشة التليفزيون مصحوبة بالمعازف، والغناء الخليع، والرقص والمجون.
وباعتبار أن الاستماع إلى الموسيقى والمعازف محرم كما سيأتي قريباً، وباعتبار النظر إلى الراقصات، والنساء المتبرجات بصفة خاصة، يترتب عليه إثارة الغرائز، وهياج الشهوات، كان اقتناؤه حراماً، وبالتالي كان النظر لهذه البرامج محرماً كذلك؛ لما لها من خطر في تقويض دعائم التربية والأخلاق.
هذا عدا ما للتليفزيون من أضرار صحية: كإضعافه البصر، وتعويد مَن هو مُغْرم به على السهر، وأضرار نفسية: كتعلق القلب بممثلة حسناء شغلت لبَّه وتفكيره، وأضرار تعليمية: كإشغاله الطلاب عن واجباتهم المدرسية، وتكوينهم الثقافي، وأضرار فكرية: كإضعاف الذاكرة وملكة التفكير والفهم والاستيعاب، وأضرار مالية: كإتلاف المال في شرائه والأسرة بأمس الحاجة إلى تأمين حاجاتها الضرورية وأضرار اجتماعية: لما يترتب من الاجتماع عليه من علاقات مشبوهة، وحوادث خلقية، ومفاسد عائلية يعانى منها من يقضي أكثر وقته في النظر إليه والسهر عليه. أهـ بتصرف

رابعاً: يقول الشيخ عبد الله بن حميد الرئيس العام للإشراف الديني بالمسجد الحرام:
والفتن التي تعرض على القلوب، هي أسباب مرضها، وهى فتنة الشهوات، وفتن الشبهات، وفتن الغي والضلال، وفتن المعاصي والبدع، وفتن الظلم والجهل، فالأولى: توجب فساد القصد والإرادة، والثانية: توجب فساد العلم والاعتقاد، فالقلوب نوعان: قلب إذا عرضت عليه الفتنة أُشْرِبْها وأحبَّها ومال إليها، وقلب ينكرها ويبغضها، ويحذر منها، ذلك مثل ما يعرض على شاشة التليفزيون من الفتن المهلكة، والمناظر الضارة، والمراقص، والحفلات، والتمثيليات... وغيرها، قلب يألفها ويحبها ويدعو إليها، فهذا القلب أسود وماتت غيرته، واستحكم مرضه، وقلب ينكرها وينفر منها، ويحذر منها فذلك القلب الأبيض الذي أشرق بنور الإيمان، إلى أن قال: الشيء إذا أشكل حكمه ينظر في مفسدته وثمرته وغايته، فإن كانت مصلحته أرجح من مفسدته، فالشرع لا يحرمه بل تغتفر المفاسد الجزئية في جانب المصالح الكلية، وان رجحت مفسدته على مصلحته، كانت مفسدته كلية، وإن اشتمل على مصالح جزئية، فيستحيل على الشارع إباحته بل هو محرم قطعاً.
وقال أيضاً: ولا شك أنها – أي التليفزيون – آلة بلاء وشر وداعية إلى كل رذيلة ومجون، داعية إلى كل فساد وخراب للعائلات، مشغلة للوقت، مُذهبة له بغير فائدة، بل ربما أدَت إلى ترك الواجبات من الصلاة وقيام بطاعة، هذا لو سلمت من الخلاعة والدعارة، وكيف؟! وقد يعرض على شاشته مناظر داعرة لنساء خليعات، ورجال أراذل، فيتحدثون بكلمات عشق ووصال، وصد وهجران، مما يدعو إلى الفجور وارتكاب الجريمة.... إلى أن قال:
ألا فانتبهوا أيها المسلمون، وناصحوا بعضكم ممَّن امتهن أوامر الإسلام، ونبهوا من خرج على الآداب والاحتشام، وحاربوا هذا الداء الوبيل الذي يفتك ويهتك بالأعراض والأجسام، فلا تعتبر نفوس ألِفَت المفاسد فصارت عمياً، لا ترى للحق نوراً، ولا تعرف للفضيلة جمالاً، ولا يظهر أمامها الحق جلياً ساطعاً نوره، فتراه باطلاً مظلماً، وتتجلى بين يديها الفضائل، فتراها رذائل، إلى أن قال: وقد تستحسن بعض العقول هذه الآلة المسماة بـ(التليفزيون)، ظناً منها أنها أداة تثقيف وتعليم، وأداة لنشر الفضائل، ولم تتنبه العقول لخطورتها، وما يعرض على شاشتها من الخلاعة، والدعارة، والمناظر الفاتنة، والحفلات المفسدة للبيوتات، والمخربة للأسر، ولم تعرف قواعد الشريعة الصحيحة، بل كلما تجلَّى أمامها من زيف مآله إلى الظلمة، وكلمات معسولة بها السم الزعاف تلقته بالقبول والاستسلام، ونسيت ما يعرض فيه من الشر والبلاء والفتنة.                 
                                      (باختصار وتصرف من "الأسرة المسلمة أمام الفيديو والتليفزيون ـ لمروان كجك)


ب‌-      أمثلة من واقعنا تبين خطره وآثاره المدمرة:
1-     مقال في جريدة الجمهورية الصادرة يوم الأربعاء بتاريخ 25/12/1987م بعنوان:  "أطفالنا وما فعل بهم التليفزيون والفيديو " ويقول المقال:
طفلة لم يتجاوز عمرها خمس سنوات، ترقص رقصاً جنونياً على نغمات الموسيقى المثيرة للأعصاب، وتتمايل في رقصها تمايل المخمور، الذي لعب الخمر برأسه فأفقدته توازنه، ثم تضم أصابع كفها اليمنى ثم تقربها من فيها (فمها)، وكأنها تشرب من كأس، فإذا فرغت من الشرب، أتت بحركة توحي بأنها قد ألقت الكأس بعيداً رامية به على الأرض، ومن ثَمَّ تتخبط في رقصها وتتمايل، حتى تكاد تقع أيضاً، ولما سُئلت أين تعلمت ذلك ؟ قالت: من التليفزيون ومن برنامج "العالم يغنى" بالذات.
هذه الطفلة واسمها "شيماء" استيقظت من نومها بعد منتصف الليل، فأيقظت أختها "شيرين" تلميذة بالمرحلة الإعدادية، وقالت لها هامسة: أريد منك يا أختي أن تنتظريني حتى أعود، وأن تفتحي لي الباب في هدوء، حتى لا يستيقظ أحد في البيت، فأنا ذاهبة الآن إلى حديقة الميدان.
ولما سألَتْها أختها عن سبب ذلك، قالت: إنها اتفقت مع زميلها "عمرو" على اللقاء في الحديقة بعد منتصف الليل، وأنه الآن ينتظرها هناك. لقد قال لي: أن أنزل من فراشي، وأن أهبط على إحدى المواسير، حتى أصل إلى الشارع دون أن يشعر بي أحد، ولكني خائفة من الهبوط على الماسورة، وأخاف أن أقع؛ ولذلك فسوف أخرج من الباب، وعليكِ أن تنتظريني حتى أعود.
وأيقظت الأخت والدها ووالدتها، ونقلت لهما ما جرى، وفي صباح اليوم التالي، ذهب الوالد إلى مدرسة الحضانة، واستدعى الطالب "عمرو" ولاطَفَهُ حتى يعرف منه السبب، فقال له: إنه شاهد أحد أفلام الفيديو، فرأى فيه الفتى يتفق مع فتاة على اللقاء بعد منتصف الليل في إحدى الحدائق، بعيداً عن مراقبة الأهل، وأنه أُعجب بالمغامرة، وأحبَّ أن يمارسها بنفسه مع صديقته "شيماء"، وأنه خاطبها في الأمر فاقتنعت، واتفقا على اللقاء بعيداً عن مراقبة الأهل والمدرسين والمدرسات.


2-    وفي جريدة الأهرام بتاريخ 27/10/1985 م
وفي بورسعيد أبلغ المستشفى العام الدوائر الأمنية عن وجود سيدة في حالة سيئة، يشتبه في تناولها كمية كبيرة من مادة مخدرة، وقد أثار الحادث قلق المسئولين، خاصة بعد تكرار حوادث تخدير الضحايا، وسرقة ما معهم من مصوغات ذهبية، وأثبتت التحريات أن المجني عليها تعمل مقرئة، وقد استقبلت بمنزلها يوم الحادث سيدتين من دمياط؛ للاتفاق معهما على إحياء ليلة، واستغلتا عدم قدرتها على الإبصار، ووضعتا كمية كبيرة من المخدر في كوب ليمون لشربه، ثم استوليتا على ست غوايش ذهبية، وقد اعترفت المرأتان بعد القبض عليهما بأنهما اتبعتا هذا الأسلوب بعد مشاهدتهما مسرحية "ريا وسكينة".

3-    وفي جريدة الأخبار بتاريخ 19/10/1984، وتحت عنوان (عربيان شاهدا الباطنية) تقول الصحيفة: شاهد عربيان فيلم (الباطنية) في بلدهما، فحضرا إلى مصر خصيصاً لزيارة الباطنية، وشراء المخدرات منها، وبعد إلقاء القبض عليهما ومعهما ربع كيلو حشيش، قرر المتهمان أن لقطات الفيلم جذبتهما للحضور إلى مصر وزيارة هذا الحي لشراء المخدرات.

4-    وجاء في صحيفة الأهرام بتاريخ 17/11/1984
كان أمراً غريباً أن تتجاوز أرقام الغياب نصف تلاميذ المدرسة، وباتت الفصول الدراسية شبه خاوية نتيجة لغياب التلاميذ، وبعد تحريات المباحث تبين أن معظم التلاميذ يسلكون طريقاً واحداً، يؤدى إلى حظيرة مواش، يتوقفون أمامها قليلاً لترقُّب الطريق، ثم يسرعون بعدها بالدخول في حذر حيث يقضون الساعات الطويلة بداخلها إلى حين حلول موعد انصرافهم من المدرسة، ويعودون بعد ذلك إلى بيوتهم، وتبين بعد مفاجئة هذا المكان برجال المباحث، أن تلاميذ المدرسة الهاربين قد جلسوا متراصين على مقاعد خشبية، واستغرقوا في مشاهدة أحد أفلام الفيديو الجنسية المعروضة.
وغير ذلك من الأمثلة التي تعج بها الصحف والمجلات يومياً.
                                            (مَن أراد الاستزادة فعليه بكتاب مروان كجك "الأسرة المسلمة أمام الفيديو والتليفزيون").
·       وأما عن حكم الفيديو:
     فالحكم متعلق بما يُشاهد فيه، فإن كان درس علمٍ وذكرٍ، أو ما ليس فيه محظور شرعي فلا بأس، وأما غير ذلك مما يغضب الله فلا يجوز قطعاً كما مرَّ في الفتوى السابقة.

وعن الأضرار والمفاسد الناتجة عن مشاهدة هذه الأجهزة، يقول الشيخ محمد صالح المنجد كما في كتابه "أخطار تهدد البيوت":
·       إظهار شعائر أهل الكفر، ورموز أديانهم الباطلة، كالصليب، وبوذا، والمعابد المقدسة، وآلهة الحب، والخير والشر، والظلام والنور، والشفاء والمرض، وهكذا الأفلام التبشيرية الداعية إلى تعظيم دين النصارى والدخول فيه.
·       الإيحاء بقدرة بعض الخلق على مضاهاة الله في الخلق والإحياء والإماتة مثل بعض المشاهد المتضمنة لإحياء ميت باستخدام صليب أو عصا سحرية.
·       نشر الدجل والخرافة والشعوذة والسحر والعرافة والكهانة المنافية للتوحيد.
·       ما ينطبع في حس المتفرج من توقير ممثلي الأديان الباطلة، كالأب والقسيس، والراهبة التي تداوى المرضى وتفعل الخير !
·       في كثير من التمثيليات حلف بغير الله، وتلاعب بأسماء الله، كما سمَّى أحدهم الآخر "عبد القيساح"
·       التشكيك في قدرة الله أو خلقه، أو تصوير الحياة على أنها صراع بين الله والإنسان.
·       القضاء على مفهوم البراءة من أعداء الله في نفوس المشاهدين بما يرونه من أمور تبعث على الإعجاب بشخصيات الكفار ومجتمعاتهم، وكسر الحواجز النفسية بين المسلم والكافر، فإذا زال البغض في الله بدأ التشبُّه والتلقي عن هؤلاء الكفرة.

اجتمـاعياً:
·       الإعجاب بشخصيات الكفرة عن عرضهم أبطالاً في الأفلام.
·       الدعوة إلى الجريمة بعرض مشاهد العنف والقتل والخطف والاغتصاب.
·       تكوين العصابات على النمط المعروف في الأفلام للاعتداء والإجرام وإصلاحيات الأحداث والسجون شاهده على آثار الأفلام في هذا المجال.
·       تعليم فن السرقة والاحتيال والاختلاس والتزوير وقبض الرشاوى وغيرها من الكبائر.
·       الدعوة إلى تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء في مخالفة واضحة لحديثه r في لعن من فعل ذلك، فهذا رجل يُقلِّد امرأة في صوتها ومشيتها، وقد يلبس الشعر المستعار والحلي، ويضع الأصباغ وأدوات الزينة، وتلك المرأة تضع لحية، أو شارباً مستعاراً، وتخشن صوتها، وهذا من أسباب نشر الميوعة في المجتمع وظهور الجنس الثالث.
·       بدلاً من النبي والصحابي، والعالم والمجاهد، صار القدوة الممثل، والمغنى، والراقصة، واللاعب.
·       زوال الشعور بالمسئولية تجاه الأسرة، واللامبالاة بالطلبات المهمة، والولد المريض؛ لأن رب الأسرة متسمر أمام الجهاز، وقد يضرب الولد ضرباً مبرحاً إذا قطع على الأب خلوته بالفيلم.
·       تمرُّد الأبناء على الآباء بالمشاهد التي تدعو إلى ذلك، وعندما أصر أحدهم على قبض ثمن السلعة من أبيه، ذكرَّه الأب بحقه عليه، فقال الولد في التمثيلية: أبى... يعنى تسرقني!.
والرسول r يقول: "أنت ومالك لأبيك".                      
                                          (رواه أبو داود بسند صحيح صححه الألباني في الإرواء: 3/323)
·       قطع الرحم بانشغال المُشاهِدين للأفلام عن الزيارات العائلية، وإن زاروا فلا يتبادلون الأحاديث المفيدة، ولا يتداولون حلول المشكلات العائلية بقدر ما يتحلَّقون حول الشاشة صامتين.
·       الانشغال عن إكرام الضيف.
·       إشاعة الكسل والخمول، وتعطيل الانتاج بما تستهلكه هذه الأجهزة من أوقات المسلمين.
·       نشوء الخلافات الزوجية، والكره المتبادل، وظهور الغيرة المذمومة، فهذا رجل يتغزَّل بأوصاف امرأة على الشاشة أمام زوجته، وهي ترد عليه بذكر محاسن المذيع  والممثل.
·       ذهاب الغيرة المحمودة ،من استمراء النظر إلى مشاهد الاختلاط، وكشف الزوجة على الأجانب، وسفور البنات والأخوات، والتأثر بالدعوة إلى تحرير المرأة.

أخـلاقـياً:
·       إثارة الشهوات بعرض مناظر النساء للرجال، وأشكال الرجال الفاتنين للنساء.
·       دعوة المجتمع إلى إظهار العورات، بأنواع الملابس الفاضحة، واعتياد الظهور بها.
·       الدعوة إلى إقامة العلاقات بين الجنسين، وتعليم المُشاهد كيفية التعرف، وما هي  الكلمات المتبادلة في البداية، ووسائل تطوير العلاقة المُحرَّمة، وتبادل أحاديث الحب والغرام وتشابك الأيدي..... إلخ.
·       الوقوع في الزنا والفاحشة، بفعل الأفلام التي تعرض ذلك، حتى أن بعضهم يُقلِّد ما يحدث في الفيلم مع بعض محارمه والعياذ بالله، أو يمارس عادات سيئة أثناء عرض هذه الأفلام.
·       تعليم النساء أنواع الرقص مما فيه إظهار للعورات، وإغراء للرجال، وهذا من أنواع الميوعة والانحلال.
·       اكتساب الشخصية الهزلية، وانحسار الجدية، بالإضافة إلى الضحك الكثير المفسد للقلب بفعل أفلام "الكوميديا".
·       شيوع الألفاظ البذيئة مما يستخدم في كثير من الأفلام والتمثيليات.

تـعبُّـديـاً:
·       تضييع صلاة الفجر من جرّاء السهر على مشاهدة ما يعرض في الشاشة.
·       التأخر في أداء الصلوات في أوقاتها، فضلاً عن أدائها في المساجد للرجال، بسبب تعلق القلب بالمسلسل أو الفيلم أو المباراة.
·       التسبب في بُغْض بَعْض الشعائر التعبدية، كما يحدث لبعضهم إذا قطعت المباراة المثيرة لأداء الصلاة.
·       إنقاص أجر بعض الصائمين أو إذهابه بالكلية بذنوب هذه المشاهدات المحرمة.
·       الطعن في بعض ما جاءت به الشريعة من أحكام كالحجاب وتعدد الزوجات.

تـاريـخيـاً:
·       تشويه التاريخ الإسلامي، وطمس الحقائق، وإهمال ذكر منجزات المسلمين في الأفلام التي تحكي تاريخ البشرية.
·       تحريف الحقائق التاريخية الثابتة، بإظهار الظالم على أنه مظلوم... وهكذا، كالزعم بأن اليهود أصحاب قضية عادلة.
·       التقليل من شأن أبطال الإسلام في أعين المشاهدين لبعض التمثيليات التي تمثل فيها أدوار الصحابة، وقادة الفتح الإسلامي، والعلماء، وتظهر فيها هذه الشخصيات بهيئةٍ مبتذلةٍ، والممثلون في الأصل فسقة وفجرة، وتختلط بالتمثيلية مشاهد غرامية.
·       إيقاع المسلمين تحت وطأة الهزيمة النفسية، وإشاعة الرعب في قلوبهم، بما يعرض من أنواع الآلة الحربية المتقدمة لدى الكفار، فيحسُّ المسلم أنه لا يمكن هزيمة هؤلاء.


نـفـسـياً:
·       اكتساب العنف والطبع العدواني من مشاهدة أفلام العنف والمصارعة، ومشاهد الدماء والرصاص، والأسلحة الحادة.
·       إشاعة الخوف في نفوس مشاهدي أفلام الرعب، حتى أن أحدهم ليهب من نومه مذعوراً فزعاً، وهو يصرخ مما رآه في نومه نتيجة مشهد علق في مخيلته.
·       إفساد واقعية الأطفال وغيرهم بعرض المشاهد المنافية للواقع، ولما جعله الله من النتائج المترتبة على الأسباب، ومن أمثلة ذلك بعض ما يعرض في أفلام الكرتون، وهذه اللاواقعية تؤثر على التصرفات في الحياة العملية.

صـحـيـاً:
·       الإضرار بحاسة البصر، وهى نعمة سيسأل عنها العبد !
·       تسارع ضربات القلب، وارتفاع الضغط، والتوتر العصبي... ونحوه عند مشاهدة أفلام الرعب وسفك الدماء !
·       السهر المُضرُّ براحة الجسد الذي سيسأل العبد عنه يوم القيامة فيم أبلاه !
·       ما يحدث من أضرار بأجساد الأطفال الذين يقلدون السوبرمان والرجل الحديدي... وغيرهما، والكبار الذي يقلدون الملاكمين والمصارعين.

مـالـيــاً:
·       صرف المبالغ في شراء الأجهزة والأفلام، وأُجْرة الإصلاح، وأجهزة التحسين والاستقبال، وهذا المال سيُسْأل عنه العبد يوم القيامة فيم أنفقه؟!
·       مسارعة كثير من الناس إلى شراء كماليات لا يحتاجون إليها، وتنافس النساء في شراء الأزياء من جراء ما يعرض في الشاشة من المشاهد والدعايات. أهـ
تنبيه:
مما لا شك فيه أنه بعد انتشار أطباق الاستقبال المعروفة بـ(الدِش)، جعل هذا الكلام فيه نظر، حيث كان التلفاز قديماً يعرض برامجه على المُشاهد بما تحمله من خير قليل، وشر كثير، أما الآن فإن الإنسان يستطيع عن طريق هذه الأطباق أن يتحكم في القنوات، ويشاهد ما يريده من خير أو شر، وهنا يأخذ التلفاز حكم الفيديو، فالحُكْم لما يُشاهد، إن كان خير محض فهو حلال، وإن كان شر محض فهو حرام.

(6)  الـبـيــت المـســرف:
أخرج الإمام مسلم عن جابر أن النبي r قال:
"إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت اللقمة فليمط ما كان بها من أذى، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدرى في أي طعامه البركة "
ولنتذكر قوله تعالى: { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (الإسراء:27)
قال ابن مسعود: التبذير: الإنفاق في غير حق.
وقال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كله في الحق لم يكن مُبذِّراً، ولو مُدَّاً في غير حق كان مبذراً، ولو أسرف الرجل في أي شيء؛ لشاركه الشيطان فيه، سواء مسكن أو مطعم أو مشرب أو مركوب، حتى الفراش.
فقد أخرج الإمام مسلم عن جابر أن النبي r قال:
"فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف والرابع للشيطان "

(7)   اتخاذ أواني الذهب والفضة:
فاقتناؤها في البيت أو استعمالها حرام
(1)      وذلك للحديث الذي أخرجه مسلم عن أم سلمة عن رسول الله r قال:
"إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم "
(2)      وأخرج البخاري عن حذيفة t قال:
"نهانا رسول الله r أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، ونهانا عن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه ،وقال: هو لهم (أي الكفار) في الدنيا ولنا في الآخرة "
ومن هذه الأحاديث يتبين لنا: أن اتخاذ أواني الذهب والفضة، ومفارش الحرير الخالص حرام في بيت المسلم، ويأثم من يفعله، وهذا التحريم شامل للرجال والنساء جميعاً.
والحكمة في هذا: تطهير البيت المسلم من مواد الترف المذموم، ومظاهر الكبرياء الممقوتة.


(8)    دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في البيت عند غياب زوجها:
يقول الشيخ محمد صالح المنجد في كتابه "أخطار تهدد البيوت":
لا تخلو بعض البيوت من وجود أقارب للزوج من غير محارم زوجته، يعيشون معه في بيته لبعض الظروف الاجتماعية، كإخوانه مثلاً، ممن هو طالب أو أعزب، ويدخل هؤلاء البيت دون غرابة؛ لأنهم معروفون بين أهل الحي بقرابتهم لصاحب البيت، فهذا أخوه أو ابن أخيه، أو عم له، أو خال، وهذه السهـولة في الدخول قد تُوَّلِد مفاسد شرعية تُغضِب الله إذا لم تُضبط بالحدود الشرعية، والأصل في هذا حديثه r: "إيَّـاكم والدخول على النساء، فقـال رجل من الأنصار:
يا رسول الله ! أفرأيت الحمو، قال r: الحمو الموت"                               (البخاري)
قال النووي ـ رحمه الله ـ: "المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه؛ لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، قال: وإنما المراد الأخ، وابن الأخ، والعم، وابن العم، وابن الأخت... وغيرهم ممَّن يحل لها التزوج به لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه؛ فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبَّهه بالموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي"        (فتح الباري: 9/331)
·      وقوله: "الحمو الموت” له عدة معان منها:
ـ أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية.
ـ أو تؤدي إلى الموت إن وقعت الفاحشة، ووجب حد الرجم.
ـ أو إلى هلاك المرأة بفراق زوجها لها إذا حملته الغيرة على تطليقها.
ـ أو المقصود احذروا الخلوة بالأجنبية كما تحذرون من الموت.
ـ أو أن الخلوة مكروهة كالموت.
ـ وقيل: أي: فليمت الحمو ولا يخلو بالأجنبية.
وكل هذا من حرص الشريعة على حفظ البيوت، ومنع معاوِل التخريب من الوصول إليها، فماذا تقول الآن بعد بيانه r في هؤلاء الأزواج الذين يقولون لزوجاتهم: "إذا جاء أخي ولست بموجود فأدخليه المجلس!"، أو تقول هي للضيف: "اُدخل المجلس، وليس معه ولا معها أحد في البيت!"
ونقول للذين يتذرعون بمسألة الثقة، ويقولون: أنا أثق بزوجتي، وأثق بأخي، وابن عمي، نقول: لا ترفعوا ثقتكم، ولا ترتابوا فيمن لا ريبة فيه، ولكن اعلموا أن حديثه r:
"لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهأ" يشمل أتقى الناس، وأفجر الناس، والشريعة لا تستثني من مثل هذه النصوص أحداً.
·      وهنـاك من القصص الواقعـية التي تدل على صدق كـلام النبي r 
     وتصور لنا حجم المأساة، وتهاوُن الناس بتطبيق شرع الله.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد في نفس الرسالة:
الآن وفي أثناء كتابة هذه السطور وردت مشكلة، مفادها أن رجلاً تزوج امرأة، فأتى بها إلى بيت أهله، وعاشت سعيدة معه، ثم أصبح أخوه الأصغر يدخل عليها في غياب زوجها، ويُكلِّمها بأحاديث عاطفية وغرامية، فنشأ عن ذلك أمران: الأول: كرهها لزوجها كرهاً شديداً، والثاني: تعَلُّقها بأخيه، فلا هي تستطيع أن تُطَلِق زوجها، ولا هي تستطيع أن تفعل ما تشاء مع الآخر، وهذا هو العذاب الأليم، وهذه القصة تمثل درجة الفساد، وتحتها دركات تنتهي بعمل الفاحشة وأولاد الحرام.
ـ وهذا ما يحدث بالفعل فقد نشرت إحدى الصحف المصرية اليومية في صفحة الحوادث، قصة تبين لنا مدى خطورة الخلوة بالأجنبية بغير محرم، وخصوصاً دخول الأحماء والقصة مفادها:
“أن أخاً اعتاد من وقت لآخر زيارة بيت أخيه المتزوج، وكان كثيراً ما يكون متغيباً فينتظره بالبيت منفرداً بزوجته (زوجة أخيه) وكان كثيراً ما يتسلَّى بمشاهدة التليفزيون، وأحياناً تكون هي معه، فكانت تقع أعينهما على مشاهد مخزية فاضحة، وبتكرار الموقف تلاقت أعينهما، وتحركت عواطفهما، وفي إحدى المرات لم يتماسكا أنفسهما أمام مشهد فاضح، فمارسا الفاحشة معاً، ومن يومها ارتبطا بعلاقة آثمة حتى اكتشف الزوج المخدوع ما كان بينهما، ولكن بعد فوات الأوان.

(9)    منع اختلاط النساء بالرجال الأجانب في البيوت
إن ما يحدث في أكثر البيوت اليوم من اختلاط النساء بالرجال، لا سيما مع تبرُّج النساء وعريهنَّ وفساد أخلاق الشباب والرجال لهو أمر جلل خطير يحتاج من كل ولي أمر مراجعته حتى لا يترتب على ذلك ما لا يُحمد عقباه من الوقوع في الحرام.
فالنظرات الخائنة، والشهوات المستعرة، والعري الفاضح، والعورات الظاهرة المُثيرة، وتجاذُب أطراف الحديث، والضحك والمُزاح، كل ذلك سبيل وطريق للوقوع في حبائل الشيطان.
يقول الشيخ محمد الصبَّاغ كما في كتابه "تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية والاختلاط المستهتر":
وكذلك فإن الجلسات العائلية ـ كما يدعونها ـ التي يختلط فيها الرجال بالنساء وهن في أتم زينة، وقد ألقين الحجاب، وأظهرن المفاتن بحجة أنهم أصدقاء، وقد يكون في هذه الجلسات تبادل الحديث المبتذل، والمزاح الهابط، والنكتة اللاذعة ـ والتعريض بأمور خاصة، إن كل هذا مما لا يجيزه دين الله، وهو يُعرض كيان الأسرة إلى الانهيار، ويُبدِّل الوُد بين الزوجين إلى تنافر.
وقال أيضاً: "إن الاختلاط لا يحقق للمرأة أي احترام؛ لأن ما يبدو من الاهتمام بالمرأة في الجلسات المختلطة ليس في حقيقته إلا احتقاراً للمرأة وزراية بها؛ لأنهم ينظرون إليها على أنها متعة، ولو كانت عجوزاً لما اهتموا بها أبداً.
ـ ولهذا ينبغي فصل النساء عن الرجال في الزيارات العائلية، فمن المعلوم أن الإنسان مدني بطبعه واجتماعي بفطرته والناس لابد لهم من أصدقاء، والأصدقاء لابد لهم من مُزاورات.
فإذا كانت الزيارة بين العوائل، فلابد من سد منافذ الشر، وذلك بعدم الاختلاط.
والأدلة على تحريم الاختلاط كثيرة نكتفي بذكر دليل من القرآن ودليل من السنة:
·      الدليل القرآني:
قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }   (الأحزاب:53)
يقول صاحب الظلال في تفسير هذه الآية:
تقرر هذه الآية أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، فلا يقل أحد غير ما قال الله، ولا يقل أحد: إن الاختلاط، وإزالة الحجاب، والترخيص في الحديث، والنقاش، والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعَفُّ للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب، وترقيق المشاعر والسلوك.
إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعـاف الجُهَّال المحجوبين، لا يقل أحد شيئاً من هذا
والله يقول:  { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }   (الأحزاب:53)
يقول هذا عن نساء النبي r الطاهرات أمهات المؤمنين، وعن رجال الصدر الأول من صحابة r ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق.
ـ وحين يقـول الله قولاً، ويقول خلق من خلقه قولاً، فالقول لله سبحـانه، وكل قـول آخر هراء، ولا يردده إلا من يجرؤ على القول: بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي، الذي خلق هؤلاء العبيد، والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله وكذب المُدَّعين. أهـ

·      الدليل من السُّنَّة:
ـ أن المرأة مأمورة أن تُصلِّي في بيتها
ففي مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي r قال:
"لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد وبيوتهن خير لهنَّ "
ـ لكن إذا خرجت إلى المسجد ـ وهذا أمر مشروع ـ فلا تختلط بالرجال، وتدخل وتخرج من بابٍ خاص بها.
فقد أخرج أبو داود عن نافع عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ:
"أن رسول الله r لما بنى المسجد، جعل باباً للنساء، وقال: لا يلج من هذا الباب أحد من الرجال"
ـ فإذا دخلت وصلَّت فلتكن في منأى عن الرجال.
فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة t أن النبي r قال:
"خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها"
ـ فإذا قضيت الصلاة فلتنصرف المرأة قبل الرجل، حتى لا يحدث اختلاط
ففي سنن أبـي داود باب "انصراف النسـاء قبل الرجـال من الصلاة" أن أم سلمة
– رضي الله عنها- قالت:
"كان رسول الله r إذا سلَّم مكث قليلاً، وكانوا يرون أن ذلك كيما ينفذ النساء قبل الرجال"
ـ فإذا انصرفت المرأة فعليها بحافة الطريق، ولا تمشي في وسطه منعاً للاختلاط
فقد أخرج أبو داود عن ابن أسيد – مالك بن ربيعة t:
"أنه سمع رسول الله r يقول وهو خارج من المسجد، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق: استأخرن فليس لكُنَّ أن  تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به"
فلننظر كيف كانت سنة المباعدة بين الرجال والنساء، وهم في أشرف مكان (المسجد)، وفي أشرف عبادة (الصلاة)، والخطاب لأشرف قلوب (قلوب الصحابة)، وأشرف زمان (زمن النبي r).
فكيف بنا والاختلاط يكون في البيوت، وأماكن اللهو، مع خراب الذمم، وقلة التقوى، ورقة الدين وانتشار الفساد.

·      مفاسد الاختلاط المذموم بين النساء والرجال الأجانب في البيوت
1ـ غالب النساء في مجالس الاختلاط حجابهن معدوم، أو مختل، فتُبدي المرأة الزينة التي نهاها الله عن إبدائها لغير مَن يحل لها أن تُكشَف عنده، في قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن
ويحدث أن تتزين المرأة للأجانب في مجلس الاختلاط ما لا تتزين لزوجها مطلقاً.

2ـ رؤية الرجال للنساء في المجلس الواحد سبب لفساد الدين والخلق، والثوران المُحرَّم للشهوات.

3ـ ما يحدث من التنازع، والتقاطع الفظيع، عندما ينظر هذا إلى زوجة ذاك، أو يغمز هذا زوجة ذاك، أو يمازحها ويضاحكها والعكس، وبعد الرجوع إلى البيت تبدأ تصفية الحسابات، والتي تنتهي بالشجار وأحياناً بالطلاق.

4ـ يندب بعضهم أو بعضهن حظوظهم في الزواج عندما يُقارن الرجل زوجته بزوجة صاحبه، أو تقارن المرأة زوجها بزوج صاحبتها، ويقول الرجل في نفسه: فلانة تناقش وتجيب ... ثقافتها واسعة، وامرأتي جاهلة ما عندها ثقافة، وتقول المرأة في نفسها: يا حظ فلانة... زوجها أنيق ولبِق، وزوجي ثقيل الظل، يرمي الكلمة دون وزن، وهذا يفسد العلاقة الزوجية، أو يُؤدي إلى سوء العشرة.

5ـ تزيُّن بعضهم لبعض بما ليس فيهم ادعاءً وكذِباً، فهذا يُصدر الأوامر لزوجته بين الرجال، ويتظاهر بقوة شخصيته، وإذا خلا بها في البيت فهو قِطٌ وديع، وتلك تستعير ذهباً تلبسه لتري الجُلساء أنها تملك كذا وكذا، وقد قال r: "المُتشبع بما لم يعطِ كلابس ثوبَيْ زور"        (البخاري)

6ـ ما ينتج عن شهود السهرات المختلطة من ضياع للأوقات، وآفات اللسان، وترك الأولاد الصغار في البيوت (حتى لا تفسد السهرة بالصياح!)


(10)     سماع الأغاني والألحان:
إن الغناء واستماع الموسيقى من الأمور التي عمَّت بها البلوى، وانتشرت في أفراحنا انتشار النار في الهشيم، وأصبحت الآن من مراسم الأفراح، وأصبح الآن في معتقد الناس أن العرس الذي ليس فيه غناء ليس بفرح، بل يرمون أصحاب هذا الفرح بالرجعية والتخلف؛ فلنعلم جميعاً أن الغناء حرام بنص القرآن وصحيح السنة وإجماع من يُعتد به من سلف الأمة.
·      الأدلة من القرآن على تحريم الغناء :
الدليل الأول: قوله تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ   (6) وَإذا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ  }       ( لقمان:6ـ7)
أخرج الحاكم وصححه البيهقي عن ابن مسعود t قال:
"والله الذي لا إله غيره هو الغناء يرددها ثلاث".
قال ابن كثير: وكذا قال ابن عباس، وعلي بن أبى طالب، وجابر، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومكحول.
وقال ابن كثير في هذه الآية: لما ذكر الله تعالى السعداء، وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه،عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله، وأقبلوا على سماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب.

الدليل الثاني: قوله تعالى:
{قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا  يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }  (الإسراء:63ـ64)
قال مجاهد: صوت الشيطان اللهو والغناء.
ومعنى الآية: أي استفزز الساهين واللاهين بصوتك الذي هو الطرب والغناء، وما صاحبه من موسيقى وغيرها من المعازف، وأزِّهم أزَّاً وحركهم إلى المعصية، ومرنهم على الفاحشة ومرنهم على الفجور، فكل من سمع الغناء فليعلم أن الشيطان قد استحوذ عليه فصار من حزبه وقد دعاه الشيطان فقال: لبيك.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية:
هذه الآية دليل على تحريم الغناء والمزامير واللهو، فما كان من صوت الشيطان أو فعله فيجب التنزه عنه، ثم أيد ما استنبطه بالحديث الذي رواه الإمام أحمد عن نافع مولى ابن عمر قال:
"كنت أسير مع ابن عمر، فلما سمع زمارةَ راعٍ، فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته إلى الطريق، وهو يقول: يا نافع أتسمع، فأقول: نعم. فيمضي، حتى قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلى الطريق، وقال: رأيت رسول الله r سمع زمارةَ راعٍ فوضع أصبعيه في أذنيه كما فعلت" ـ وفي رواية: "فصنع مثل هذا".
قال القرطبي: وهذا في غناء هذا الزمان، عندما كان يخرج عن حد الاعتدال فكيف بغناء زماننا.
يا الله، القرطبي يقول هذا وهو من القرن السادس من الهجرة، فكيف لو رأيت يا قرطبي زماننا؟

الدليل الثالث: قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ  لاَ  يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}             (الفرقان:72)
قال محمد بن الحنفية: الزور هنا هو الغناء.
والمعنى: أنهم لا يحضرون مجالس الباطل، وإذا مروا بكل ما يلهي من قول وعمل أكرموا أنفسهم أن يقفوا عليه أو يميلوا له، وقال الكلبي: لا يشهدون الزور: يعنى لا يحضرون مجالس الباطل.

الدليل الرابع: قوله تعالى:
{وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }  (الأنفال:35)
قال ابن عباس وابن عمر ومجاهد والضحاك والحسن وقتادة          
- المكاء: الصفير                                   - التصدية: التصفيق
والمقصود: أن الذين يصفقون ويصفرون في مزمار ونحوه، فيهم شبهٌ من هؤلاء الذين كانوا يصفقون حول البيت ويتخذون ذلك عبادة.



·      أما الأدلة من السُّنَّة فكثيرة نكتفي بحديث واحد لعدم الإطالة:
ما أخرجه البخاري من حديث أبى مالك الأشعريt  أنه سمع رسول الله r  يقول:
"ليكوننَّ من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف"
ومعنى الحديث: أنه سوف يأتي قـوم يستحلـون المحرمات ومنها: فروج النسـاء، ولبس الحريـر ـ أي للرجال ـ وشرب الخمر، ويستمعون المعازف والغناء، ويقولون: هذا مباح، فيعزفون ويطبلون ويرقصون ويغنون، وإذا جابهتهم وأنكرت عليهم قالوا: هذا مباح وقد صحت نبوته r بذلك.
ويستفاد من الحديث تحريم الغناء وذلك من وجوه:-
- الأول: قوله يستحلون: إذاً الأصل حرمته لكنهم يستحلون ما حرم الله.
- الثاني: اقترانه بالزنا والخمر ولبس الحرير وكل هذه الأمور محرمة.
قال ابن القيم– رحمه الله -: ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم الغناء وآلات الملاهي، فأقل ما يقال: أنها شِعار الفُسَّاق وشربة الخمور.
وما أخرجه الترمذي بسند حسن عن جابر t قال: قال رسول الله r:
"نُهيت عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير شياطين، وصوت عند مصيبة"                                                         (صحيح الجامع:5194)
وفي رواية أخري أخرجها البزار والضياء بسند صحيح عن أنس t أن النبي r قال:
"صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة"
والمقصود بالمزمار عند النعمة هو الآلة التي يزمر بها.     (السلسة الصحيحة:428، صحيح الجامع:3801)
قال القرطبي وابن تيمية – رحمهما الله - :
فيه دلالة علي تحريم الغناء، فإن المزمار هو نفس صوت الإنسان يُسمي مزماراً
 كما في قوله r لأبي سعيد الخدري t:
لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود"                               (متفق عليه) .أهـ
وكان ابن عباس وعبد الله بن مسعود يقولان:
"الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل"
وكان مالك يقول عن الغناء: "إنما يفعله عندنا الفاسق"
ولذا كان القانون المصري سنة 1938م يردُّ شهادة المغنى والممثل.
وكان الضحاك يقول: "الغناء مفسدة للقلب ومسخطة للرب".
وكان الفضيل بن عياض يقول: "الغناء رقية الزنا"

(11)     شرب الشيشة والدخان:
ومما لا شك فيه أن التدخين حرام بدلالة القرآن ومفهومه، وكذلك السنة المطهرة، وأقوال أهل السنة والأئمة الأعلام.
·      الأدلة من القرآن على تحريم الدخان:
الدليل الأول: قوله تعالى: {... وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: 195)
والآية عامة تشمل كل ما يؤدى إلى ضرر، ولقد ثبت أن التدخين يسبب الأمراض المهلكة، كالسرطان والسل، ومما هو معروف أن النهي يفيد التحريم.
الدليل الثاني: قوله تعالى: { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ } (الأعراف: 157)
فلو جيء يوم القيامة بالحق والباطل، وبالطيب والخبيث، ففي أيهما يكون الدخان؟! لا شك أن الإجابة معروفة؛ لأن الدخان خبيث، فهو كريه الرائحة، مؤذ قاتل، وعليه فالتدخين حرام بنص هذه الآية.
الدليل الثالث: قوله تعالى:  { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ }    (النساء:29)
فنهى الله عن قتل الإنسان نفسه، ولقد ثبت أن الدخان فه النيكوتين والقطران وهما قاتل بطئ...
وعليه فالتدخين حرام.
الدليل الرابع: قوله تعالى:  
{... وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً{26} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً} (الإسراء:26 ـ 27)
قال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كله في الحق ما كان مبذراً، ولو أنفق منه مداً في باطل كان تبذيراً.
وقال قتادة: التبذير هو النفقة في معصية الله، وفي الفساد، وفي غير الحق، وحيث إن التبذير في غير حقه حرام – دل ذلك على أن التدخين حرام.

·      الأدلة من السُّنَّة على تحريم الدخان:
الدليل الأول: اخرج ابن ماجة والدارقطني وصححه الألباني في الجامع الصغير (7517)
أن النبي r قال: "لا ضرر ولا ضِرار"
الشـاهد: أن التدخين يضرك كما يضر غيرك، والنفي هنا بمعنى النهي، والأصل في النهي التحريم
فكل ما أدى إلى لحوق الضرر بالمرء، أو أن يلحق الضرر بالغير فهو حرام.
وقد كتبت جريدة الأهرام في صفحتها الأولى تحت عنوان "الفرصة الأخيرة للإفلات من دائرة الموت بالتدخين": ربما تكون هذه فرصة أخيرة للإفلات من الدائرة الخبيثة لمادة التدخين السيئة، والفرصة تكتسب أهميتها من صدور صيحة إنذار جديدة، تتناول بتفاصيل مروعة وبالأرقام ماذا يعني التدخين سواء للرجل أو المرأة وأيضاً لأطفال المستقبل، فهو أحد أسباب مرض السرطان الذي يودي بحياة 34 ألفاً كل عام، بخلاف 13 ألفاً يموتون بأمراض القلب، وانسداد الأوعية في فرنسا، وأن التدخين مسئول عن وفاة أكثر من ألف شخصٍ كل أسبوع في فرنسا، ويتسبب في موت 10% من إجمالي عدد الوفيات كل عام، بالإضافة إلى سرطان الرئة، وسرطان الثدي عند المرأة.  
                                                              (جريدة الأهرام بتاريخ 19/4/1990م)
الدليل الثاني:  مـا أخرجه البخـاري ومسلم من حديث المغيرة بن شعبة قـال:
سمعت رسول الله r يقول:"إن الله يكره ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثره السؤال"
والتدخين فيه إضاعة للمال فيما لا يحل ولا ينفع.
الدليل الثالث: ما أخرجه البخاري ومسلم أن النبي r قال:
“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره "
الدليل الرابع: ما أخرجه البخاري ومسلم أن النبي r قال:
"مَن أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا، أو قال: فليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته "
الدليل الخامس: أخرج الترمذي بسنده وصححه الألباني أن النبي r قال:
"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه"
والمُدخِن أفنى شبابه في غير طاعة الله، وهو في قرارة نفسه يعلم أن التدخين ليس بحلال، فلم ينفعه علمه، بل وينفق ماله في معصية الله، فيعود كل ذلك ببلاء في جسده فيُسأل عن ذلك كله.  
وصدق النبي r حيث قال فيما رواه البخاري:
"إن رجالاً يتخوَّضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة"
·       أقوال أهل العلم:
1ـ يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
شرب الدخان كان مختلفاً في حكمه أول ما ظهر؛ لأنه لم يتبين أمره، فمنهم من أباحه، ومنهم من كرهه، ومنهم من حرَّمه، ولكنه في الآونة الأخيرة وبعد تقدُّم الطب وكلام الأطباء، فلا خلاف الآن في تحريمه.
ويقول الشيخ أيضاً في "فتاوى المرأة":
شراب الدخان مُحرَّم وكذلك بيعه وشراؤه، وتأجير المحلات لمن يبيعه؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان.

2ـ وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ:
أما الدخان شربه والاتجار به، والإعانة على ذلك فهو حرام، لا يحل لمسلم تعاطيه شرباً، واستعمالاً واتجاراً، وعلى كل مَن كان يتعاطاه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً.
وقد ذهب أهل العلم إلى تحريم تعاطيه؛ لأنه من الخبائث، وأنه يوقع في الأمراض المهلكة كالسرطان والسل ... وغيرهما، وأن شربه تبذير وإسراف، وتبديد لمال صاحبه؛ ولأنه يضر صاحبه، ويُتْلف ماله، ويُؤْذي جاره، وبه سُمّ النيكوتين الذي يقتل شاربه ببطء.
                            (الإعلان ببيان أخطاء الشيخ القرضاوي في كتاب "الحلال والحرام”ـ لصالح بن فوزان ـ رحمه الله ـ)

3ـ وجاء في فتاوى الشيخ عبد الله المشد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر عندما سئل:
هل تجارة الدُّخان والمعسل والسجائر حرام أم حلال؟
مع العلم أنني أعيش منها وأسرتي منذ سنين طويلة؟
فأجاب بقوله: الذي قرَّره الفقهاء أن الحرام نوعان: حرام لذاته وعينه، وهو ما نطقت بحرمته الأدلة الشرعية القطعية، وحرام لغيره: وهو ما لم يرِد بحرمته نص صريح قاطع؛ ولكنه كان وسيلة إلى إتلاف النفس والمال، وكلاهما مما أوجب الشارع الحرص على حمايته والمحافظة عليه، فلذلك يُعد كل منهما مُحرَّماً لما يُؤدي إليه من إتلاف النفس والمال، باعتبارهما من الكليات الخمس التي أوجب الله حمايتها والمحافظة عليها، وعليه أن يحاول تغيير هذه التجارة إلى تجارة لا تدخل في باب المُحرَّم.

4 ـ فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية:
إن شرب الدخان حرام؛ لكثرة ضرره؛ ولكونه إنفاقاً للمال في إسراف، ولقد نهى الله عن الإسراف؛ ولكونه خبيثاً. وبناءً عليه: فالاتجار فيه حرام، والكسب منه حرام، وإنتاجه حرام، وصناعته حرام، وبيعه وشراءه حرام.

5 ـ ويقول فضيلة المفتي السابق "نصر فريد واصل" (مجلة التوحيد، العدد الثاني ـ صفر 1421 هـ):
التدخين حرام بكل المقاييس الشرعية؛ لما فيه من الأضرار بالمُدخن ومَن حوله، بل إن حرْمته أشد من حرمة الخمر؛ لأن الخمر تضر بصاحبها فقط، وأما التدخين فإنه يضر بالمُدخِن ومَن حوله دون أن يدري، وهذا ثابت علمياً ... " إلى آخر كلامه ـ حفظه الله ـ .

(12)     الطاولة والكوتشينة والشطرنج ونحوهم:
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن حكم اللعب الشطرنج ؟
فأجاب ـ رحمه الله ـ وقال: الحمد لله رب العالمين... اللعب بها منه ما هو مُحرَّم متفق على تحريمه، ومنه ما هو مُحرَّم عند الجمهور، ومكروه عند بعضهم، وليس من اللعب بها ما هو مباح – مستوي الطرفين- عند أحد من أئمة المسلمين.
ـ فإن اشتمل اللعب على العوض (أي ما يأخذ الغالب من المغلوب) كان حراماً بالاتفاق.
قال أبو عمر بن عبد البر إمام المغرب: "أجمع العلماء أن اللعب بها على العوض قماراً  لا يجوز "
وكذلك لو اشتمل اللعب بها على ترك واجب أو فعل محرم، مثل أن يتضمن تأخير صلاة عن وقتها، أو ترك ما يجب فيها من أعمالها الواجبة باطناً (كاستحضار القلب، حيث إن لاعب الشطرنج إذا قام إلى الصلاة صلَّى، وقلبه مشغول بالشطرنج وما فيه من خطط ومقالبات) أو ظاهراً (كأداء الأركان الظاهرة كالركوع والسجود).
ـ والمقصود أن الشطرنج متى شغل عما يجب باطناً أو ظاهراً حُرِّم باتفاق العلماء، وكذلك لو شغل عن واجب من غير الصلاة من مصلحة النفس أو الأهل، أو الأمر بالمعروف، أو النهي عن المنكر، أو صلة الرحم، أو بر الوالدين، أو ما يجب فعله من نظر في ولاية أو إمامة، أو غير ذلك من الأمور
وكذلك إذا اشتملت على مُحرِّم، مثل اشتمالها على الكذب، واليمين الفاجرة، أو على الظلم، أو الإعانة عليه، أو الخيانة، فإن ذلك حرام باتفاق المسلمين، ولو كان ذلك في المسابقة (أي المنافسة المشروعة التي ليس فيها شيء من القمار، أو العوض)، والمفاضلة (أي المغالبة) فكيف إذا كان بالشطرنج والنرد ... وغير ذلك.

·      مذهب الصحابة في اللعب بالشطرنج:
وإذا قدر خلوها عن ذلك كله، فالمنقول عن الصحابة المنع من ذلك، وقد جاءت بعض الآثار عن الصحابة منها الضعيف، ومنها الصحيح، والتي تدل بمجموعها وتشير إلى تحريم الشطرنج والنرد.
(1)   ما أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي بسند فيه مقال: "أن علياً ابن أبي طالب مرَّ بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون "
ـ عكف على الشيء: أقبل عليه مواظباً.                                       (المختار الصحاح 449)
وفي رواية أخرى عند أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي في الكبرى (بسند أيضاً فيه مقال)  عن عليٍّ بن أبي طالب قال:
"لأن يمس أحدكم جمراً حتى يطفأ خير له في أن يمسَّها"
وروى أيضاً عنه كما عند ابن أبي الدنيا أيضاً في ذم الملاهي والبيهقي في الكبرى (بسند أيضاً فيه مقال) 
"أن علياً بن أبي طالب مرَّ بمجلس بنى أمية وهم يلعبون بالشطرنج، فوقف عليهم، فقال: أما والله لغير هذا خُلِقْتم، أما والله لولا أن تكون سنة لضربت بها وجوهكم".
(2)    وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي في الكبرى (بسند حسن) عن نافع  قال: "سئل بن عمر عن الشطرنج فقال: هي شر من النرد".
(3)    وعند البيهقي في الكبرى بسند فيه مقال أيضاً عن أبي موسى الأشعري t قال:
"لا يلعب بالشطرنج إلا خاطئ"
(4)    وعند البيهقي أيضاً بسند فيه مقال: "أن أبا سعيد يكره أن يلعب بالشطرنج"


·      اللعب بالشطرنج في المذاهب الأربعة
المنقول عن أبي حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه: تحريمها
وأما الشافعي فإنه قال كما في "الأم" (7/208):
"أكره اللعب بها للخبر، واللعب بالشطرنج والحمام بغير قمار، وإن كرهناه أخف حالاً من النرد، ولا ريب أن كراهته كراهة تحريم.
وأما الإمام مالك، فقد قال يحيى: سمعت مالكاً يقول:
لا خير في الشطرنج... وغيرها، وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها، ويقول: هو من الباطل، ويتلو هذه الآية: { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ } (يونس:32)
بل ثبت عن الإمام مالك بسند صحيح كما عند البيهقي في الكبرى (10/212) أنه قال:
"الشطرنج من النرد"
وقال ابن عبد البر: أجمع مالك وأصحابه على أنه لا يجوز اللعب بالنرد، ولا بالشطرنج.
وقالوا: لا يجوز شهادة المدمن المواظب على الشطرنج.

ـ فالمذاهـب الأربعة تُحرِّم كل اللهو، وقد تنازع الجمهور في حكم السلام على لاعب الشطرنج، واختلفوا على قولين:
القول الأول: إنه لا يُسلَّم عليه.  (وهذا مذهب أبي حنيفة، وأحمد)
القول الثاني: إنه يُسلَّم عليه.  (وهذا مذهب مالك، وأبي يوسف، ومحمد)

ـ وقد تنازع العلماء أيضاً في أيهما أشر: الشطرنج أم النرد.
فذهب مالك: إلى أن الشطرنج شر من النرد
وأما الإمام أحمد فقال: إن النرد أشر من الشطرنج، وكذا الشافعي
                          (وقالوا ذلك؛ لأن العوض غالباً يكون في النرد دون الشطرنج)

ـ وعلى هذا فإن اللعب بالشطرنج والنرد من الباطل.
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عقبة بن عامر أن النبي r قال:
“كلُّ لهوٍ يلهو به الرجل فهو باطل، إلا رميه بقوسه أو تأديبه فرسه، أو ملاعبته امرأته، فإنهن من الحق "
وقول النبي r: "من الباطل" أي مما لا ينفع؛ لأن الباطل ضد الحق، وكذلك فاللعب بالنرد فيه صد عن ذكر الله، وعن الصلاة، وإيقاع العداوة والبغضاء، وهو في الشطرنج أكثر بلا ريب.
وهي تفعل في النفوس فعل حميا الكئوس، فتصد عقولهم وقلوبهم عن ذكر الله، وعن الصلاة أكثر مما يفعله لهم كثير من أنواع الخمور والحشيش.

ـ ولعل هذا الأمر يجعل الكثير ممن يواظب على هذه اللعبة يقول: أجد راحة وانشراح عند اللعب بالنرد أو الشطرنج، وإلهاء للنفس.
نقول له: نعم. قد يكون هذا كما يقصد شارب الخمر عند تناوله للخمر، لكن نقول لهؤلاء: إن راحة النفس بالمباح الذي لا يصد عن المصالح، ولا يجلب المفاسد فيه غنية، والمؤمن قد أغناه الله بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه،  قال تعالى:
{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {2 } وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ...} (الطلاق:2 ،3)
وفي سنن ابن ماجة وغيره عن أبي ذرt:
إن هذه الآية لما نزلت قال  r: "يا أبا ذر لو أن الناس كلهم عملوا بهذه الآية لَوَسِعَتْهُم"
ـ وفي رواية أخرى: "إني لأعرف آية لو آخذ الناس كلهم بها لكفتهم، قالوا: يا رسول الله أَيةُ آية ؟ قال: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا  }(الطلاق:2  (ولكن في إسناده انقطاع)
وقد بيَّن I في هذه الآية أن المتقي يدفع عنه المضرة، وهو أن يجعل له مخرجاً مما ضاق على الناس، ويجلب له المنفعة، ويرزقه من حيث لا يحتسب، وكل ما يتغذى به الحي مما تستريح به النفوس، وتحتاج إليه طيبها وانشراحها فهو من الرزق.
والله تعالى يرزق ذلك لمن اتقاه، بفعل المأمور، وترك المحظور، ومن طلب ذلك بالنرد والشطرنج ونحوهما من الميسر، فهو بمنزلة من طلب ذلك بالخمر، وصاحب الخمر يطلب الراحة، ولا يزيده إلا تعباً وغماً، وإن كانت تفيده مقداراً من السرور، فما يعقبه من المضار، ويفوته من المسار أضعاف ذلك، كما جرَّب ذلك من جرَّبه وهكذا سائر المحرمات.
·      تحريم النرد (الزهر)
فاللعب بالطـاولة، أو السلم والثعبان، أو بنك الحظ، أو أيٍّ من الألعاب التي تُلعب بالنرد (الزهر)
فهو حرام، سواء كان اللعب على رهان، أم كان لأجل التسلية البريئة.
1ـ فقد أخرج الإمام مسلم عن بريدة بن الحصيب عن النبي r أنه قال:
" مَن لعب بالنردشير (الزهر) فكأنما صَبَغ يده في لحم خنزير ودمه"
وهذا حرام سواء كان بجُعْلٍ أو بغير جُعْلٍ.
ـ وعلى هذا فلابد أن نعلم أن أنواع المغالبات ثلاث:
الأول: ما كان معيناً على ما أمر الله به، كما في قوله تعالى:
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ } (الأنفال: 60)
وكذلك قول النبي r كما عند أحمد وأبو داود وغيرهما:
"لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل"
فهذا جائز بجُعْلٍ وبغير جُعْلٍ.
الثاني: ما كان مفضياً إلى ما نهى الله عنه
كالنرد والشطرنج، فمنهي عنه بجُعْلٍ وبغير جُعْلٍ؛ لأن بذل المال فيما لا ينفع في الدين ولا في الدنيا منهي عنه، وإن لم يكن قماراً، فكيف لو كان قماراً ولعب على عوض، فمما لا شك فيه أن هذا أكل أموال الناس بالباطل، وهذا حرام بنص القرآن، فسداً للذريعة حُرِّم اللعب بهما؛ لأن النبي r قال:
"مَن لعب بالنردشير (الزهر) فكأنما صَبَغ يده في لحم خنزير ودمه"
فإن الغامس يده في ذلك يدعوه إلى أكل الخنزير، وذلك مقدمة أكله وسببه وداعيته، فإذا حرم ذلك فكذلك اللعب الذي هو مقدمة أكل المال بالباطل وسببه وداعيته.
الثالث: ما قد يكون فيه منفعة بلا مضرة راجحة
كالمسابقة والمصارعة: جاز بلا جُعْل.

2ـ ما أخرجه مالك في الموطأ عن أبي موسى الأشعري t عن النبي r قال:
"مَن لَعِب بالنرد فقد عصى الله ورسوله"
إلا أن هذا الحديث مرسل، ولكن يشهد له الحديث السابق.
                                                               (ولهذا فإن الألباني حسَّن هذا الحديث في "الإرواء:2670")

·      كلام أهل العلم في حكم الشطرنج والنرد والكوتشينة ... وغير ذلك
1ـ يقول شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (32/216) (34/192):
"الميْسر مُحرَّم بالنص والإجماع، ومنه اللعب بالنرد والشطرنج ... وما أشبهه مما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويوقع العداوة والبغضاء".

2ـ ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم ـ مفتي الديار السعودية ـ سابقاً:
اللعب بالشطرنج هو وسائر أنواع الميْسِر لا يجوز مطلقاً، سواء كان على مال من اللاعبين، أو من غيرهما، أو لم يكن على مال.

3ـ ويقول ابن باز ـ رحمه الله ـ في حكم اللعب بالكوتشينة والشطرنج كما في "الفتاوى الإسلامية (3/372)":
" لا تجوز هاتان اللعبتان ... وما أشبههما؛ لكونهما من آلات اللهو، ولما فيهما من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وإضاعة الأوقات في غير حق، ولما تفضي إليه من الشحناء والعداوة، هذا إذا كانت اللعبة ليس فيها عوض، وأما إن كان فيها عوض مالي، فإن التحريم يكون أشد؛ لأنها بذلك تكون من أنواع القمار الذي لا شك في تحريمه، ولا خلاف فيه.

4ـ ويقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ كما في كتابه "أسئلة مهمة صـ 18":
"إن اللعب بهما حرام كما ذكر ذلك مشـايخنا؛ وذلك لما فيهما من الإلهاء الكثير، والصد عن ذكـر الله I؛ ولأنهما ربما يؤديان إلى العداوة والبغضاء بين اللاعبين"

وقـفـة:
ولعل قائل يقول: هناك من العلماء مَن أجاز اللعب بالشطرنج!
فالجواب على ذلك: أنه بالفعل هناك مَن أجاز اللعب بالشطرنج أو النرد بلا عوض، وكلاهما مأثور عن السلف.
بل في الشطرنج قد تبيَّن عند بعضهم كما كان الشعبي يلعب به لمَّا طلبه الحجاج لتوليه القضاء، رأى أن يلعب به ليُفسِّق نفسه، ولا يتولى القضاء للحجاج، وهذا الأثر عند عبد الرزَّاق في "المصنف"، وعند البيهقي في "الكبرى" عن معمر قال:
"بلغني أن الشعبي كان يلعب بالشطرنج، ويلبس ملحفة حمراء، ويرمي بالجلاهق، وذلك أنه كان متوارياً من الحجاج"                             (وسنده مرسل)
فالشعبي رأى أن يحتمل مثل هذا؛ ليدفع عن نفسه إعانة مثل الحجاج على مظالم المسلمين، وكان هذا أعظم محذوراً عنده، ولم يمكن الاعتذار إلا بمثل ذلك.
وعلى كل حال: فليس لأحد أن يتَّبع زلات العلماء، فهذا باب خطير، يُخْشى على مَن طرقه أو ولجَهَ.
كما لا ينبغي له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهْل، فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطأوا، كما قال تعالى: { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}(البقرة:286)، قال الله U: "قد فعلت"
وأمرنا الله أن نتبع ما أنزل إلينا من عنده I، ولا نتبع من دونه أولياء.
وأمرنا ألا نطيع مخلوقاً في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، فنقول:  
{ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ } (الحشر:10)
هذا أمر واجب على المسلمين في كل ما يشبه هذا من الأمور، ونعظِّم أمره تعالى بالطاعة لله ورسوله، ونرعى حقوق المسلمين، لا سيما أهل العلم منهم كما أمر الله ورسوله.

وبعد...،
فهذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الرسالة
نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبلها منَّا بقبول حسن، كما أسأله سبحانه أن ينفع بها مؤلفها وقارئها ومن أعان على إخراجها ونشرها......إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وما كان فيها من صوابٍ فمن الله وحده، وما كان من سهوٍ أو خطأ أو نسيانٍ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صواباً فادع لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثمّ خطأ فاستغفر لي
وإن وجدت العيب فسد الخللا
جلّ من لا عيب فيه وعلا
فاللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه نصيب
                                                والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.........
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك

بيوت تفر منها الشياطين Rating: 4.5 Diposkan Oleh: neno

0 التعليقات:

المساهمون